للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تجد الفصل الواحد في حكم الكتاب كله لا يتأتى لك إلا بعد الاستقراء والتتبع وتصفح الأسفار الكثيرة وإنضاء الخاطر والإنفاق من سواد القلب قبل الإنفاق من سواد المداد وليس ذلك فقط بل لا بد من اشتمالك على روح خاص يكون مفطوراً من الذكاء على قوة آلهية تتسلط على أرواح التاريخ وبعبارة أجلى بياناً لا بد من أن تكون نابغة نبوغاً غير مكيف ولا محدودا بصفات معينة بل هو في كل وقت يلبس مظهراً جديداً.

ولا ننكر أن الرافعي لم يخلق مواد كتابه ولا هي كانت خالصة له من دون الناس بل هي لا تزال مبتذلة في كل مكتبة ولكن أديب ولكن من غيره وفق لاستخراج هذه المواد وتنظيمها واستنباط التاريخ منها على هذا النهج الواضح حتى كأنه كذلك في أصل الوضع لقد ظهرت في الشرق مجلات وكتب أدبية كثيرة وتفرغ أناس من اهل الذكاء والاطلاع لخدمة الأدب وقضوا في ذلك مدة العمر الأطول فما الذي كان يصرفهم عن هذا العمل وما الذي كان يمنع مثل الأستاذ اليازجي أن يجعل هذا التاريخ من فصول مجلاته التي قام على إنشائها وأرصدها للآداب وقد أغنت في اللغة والإنشاء غناء كبيراً ولم تغن في تاريخ الأدب إلا شيئاً يسيراً؟

هذا على أن صاحب (تاريخ آداب العرب) تبه في عدة مواضع من كتابه إلى أنه يتفادى من التطويل والبسط والاتساع في الأمثلة ويضرب صفحاً عن كثير مما كان قد أعده للنشر في فصول هذا الجزء. فواها للشرق وأهله يضطلع النابغة بالعمل الشاق ويفترع الخطة العذراء وينزع كل منزع في طلب الكمال ثم لا يرى من يشد أزره أو يعينه في اظها عمله وتتركه الأمة فرداً يكتب ويطبع وينشر فيضطر إلى الاقتصار على مالا بد منه وينقص برغم نقص القادرين على التمام كأن الأديب ليس لقباً تاريخياً لأمة عليها أن تزيد في حاضرة ليزيد في مستقبلها لأنه قطعة من هذا المستقبل فهي إن شاءت جعلتها قطعة رثة بالية تظهر مظهر الرقعة في اسمال المحتاج وإن شاءت جعلتها قشيبة سابغة تنزل منها منزلة الطراز على الديباج.

ينبغي أن نتحول كما تحولت الأمم وأن نجانس هذه الأمم الراقية فنكون معها على السواء لا أن نطابقها فنكون معها على النقيض وهيهات أن يكون ذلك إلا إذا عمل أدباؤنا وجاءت أعمالهم ناضجة لا فجة تورث الحمى الاجتماعية. .! وإنى لهم ذلك وقد فقدوا المعاونة من