للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخزي من قبح ما هم فيه وسوء ما يعبدون. وكذلك كان محمد رأس الدعاة إلى وحدانية الله، ينهض في التاريخ خير مجاهد في الله. وأكبر محارب لنكوص الإنسانية على أعقابها تريد أن تجعل مع الله شركاء سبحانه وتعالى عما يصفون. وأنت لا تني تجد في كل قطعة أو سورة من القرآن آيات حارة تلتهب التهاباً. نثبت هنا شيئاً منها - جاء في السورة الثانية: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم - إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون. ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله}.

فانظر ما أروع وما أعمق هذه العاطفة التي ينادي بها القرآن أهله إزاء هؤلاء المشركين.

وجاء في السورة الثالثة عشرة: {وهو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم لا يجادلون في الله} الآية: ثم انظر آية الكرسي: ثم انظر آية {الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة في مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسه نار - نور على نور - يهدي الله لنوره من يشاء} الآية.

وكذلك تجد هذا الكتاب القيم مفعماً بهذا الآيات البينات. ينادي أنبل ما في الإنسان من عواطف ويتغلغل إلى لبه وصميمه. ولا تكاد سورة تخلو من آيات بينات تدور حول إظهار عظمة الله ورحمته ووحدانيته. وقد أساء كتاب المسيحية فهم عقيدة المسلمين في ربهم فقالوا أن المسلمين مثلوا ربهم مستبداً طاغية لا رحمة لديه. يلعب بالإنسانية لعب اللاعب بحجارة الشطرنج ويجري الحجارة كيف شاء دون أن يحسب لعذابها حساباًُ فلننظر مكان هذه التهمة من الصحة إن إله الإسلام هو العليم العادل رب العالمين خالق السموات والأرض وهو كذلك الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار وهو كذلك الحليم الغفور الشكور. إلى آخر أسماء الله الحسنى بل إن اتصافه بالرحمة لا تزال نغمة من أجمل نغمات القرآن. بل لا تزال كل سورة من الكتاب تفتتح باسم الله الرحمن الرحيم. . .