للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما تكون، وسهود بعولاتهم وهن يعدون في الحجرات متلبيات عن تلكلف، ويظهرن النشاط أمامهم عن مفاخرة واعتزاز.

ولم يكن يرى نوربرت شيئاً من ذلك بل يجد البيت مدبراً على أحسن ما يشاء التدبير، كأنه قد خلق لذلك وبقي كذلك.

وكان نوربرت يود لو يلتقي برجل يستطيع أن يقنعه بأن في السموات مكاناً خيراً من بيته الصغير الذي لا يزيد أجره في العام عن أربعين جنيهاً.

وقد كان هذا بالطبع بعد شهر العسل فقد نسيت أن أذكر أنهما تزوجا وزف الحبيب إلى نعمة عينيه وأليف نفسه وكان ذلك الشهر المعسول مفعماً بألوان عجيبة، كألوان غروب الشمس الزاهية المختلفة المتعددة التي إذا رآها الرائي لا يلبث أن يقول أنه ما كان يصدق أن لها هذا الجمال وتلك الروعة، لو أنه اطلع عليها في صورة صناعية خرجت من يد مصور ماهر.

وكان نوربرت إذا خرج من محل عمله الواقع في ربض من أرباض المدينة انطلق مسرعاً كالبرق، وجرى مستبقاً كالريح، غير متريث ليملك أنفاسه أو وجل خائف على صمامات قلبه، أو مكترث للسابلة الذين يصطدم بهم في طريقه بل يعدو عدواً سريعاً حتى يتهيأ له أن يركب في القطار فيصل إلى عشه الجميل قبل الموعد المضروب لوصوله ببضعة دقائق. فإذا نزل من عجلة الترام عند أقرب محطة من داره، انطلق يغني في هدأة المساء أغاني الحب والوجد.

وأنت تعلم أن المتزوجين لا يجدان تلك الفرص التي يجدها الخطيبان للكلام عن تلك التفاهات التي يكبر من شأنها الحب ولا يسمح لهما زمنهما بالإسراف في الأحاديث الصبيانية التي يبذلها العروسان عن جود وسخاء لمعرفة مقدار حب كل فرد منهما ومبلغ عاطفته بل أن لهما بسبيل ذلك ألف طريقة وطريقة لإظهار عمق حبهما وغور جانحتهما، ومن بين تلك الوسائل الحلوة العذبة اللذة الفاتنة التي كانت تظهر بها فيولا حبها لزوجها نوربرت، كانت هناك وسيلة هي أحبها جميعاً لى فؤاده.

وكان هو أسعد ما يكون من ناحيتها وأشد غبطة وهناء ذلك أن الله وهب ذلك الفتى شعراً ناعماً جميلاً يجري في ذوائب وتعاريج حلوة ونعومة لا قرين لها، ولا مثيل، وكان بهذه