للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنساها ابنها أنها سرقت من زوجها حبه فألقت به إلى وليدها.

أضحى ريشارد يسمى أسماء الدلال، وألقاب المناغات والتدليع وأضحى نوربرت الغزال سابقاً ينادى فقط بأبو العيال وهو لقب فرح به بعض الفرح وإن بدا من ناحيته في شيء من الاضطراب والألم.

وفي الأشهر الستة الأولى من مولد الباكورة الأولى للزوجين لا يجد الزوج فرصة تهيئ له معرفة مركزه في قلب زوجته لأنه يرى أن تلك الأشهر هي حق مطلق للطفل لا يشاركه فيه أحد سواه، ولكنه بعد أن تمضي تلك المدة ويعود الأمر إلى نصابه لا يلبث الزوج أن يقيس الفرق بينه زوجاً لا والداً، وبينه الآن زوجاً ووالداً!!.

وعرف نوربرت أن هناك حقيقة شيئاً من الفرق، ولكنه كان من الدقة والخفاء بحيث لا يدرك علانية، ولا يتجلى للأبصار، وأحس من طريق خفي أنه قد أصبح أكثر أهمية وأقل أهمية في آن واحد في وسط أسرته منه قبل مولد طفله.

فبدلاً من أن تلعب فيولا بذوائب شعره الأفحم الأثيث وتلثم خصلاته وأسلاكه وتطبع القبلات الحارة فوق وجنتيه. أصبحت اليوم تسأله رأيه في مسألة تهوية الحجرات والعناية الواجبة للأطفال وشؤون التدبير المنزلي، وفنون الشربة والفطرة والششم، ولئن كانت لا تزال فيولا تقبله وتلثم خديه كأنها تؤدي مأمورية من المأموريات وفريضة من الفرائض، فلقد كان الطفل هو الذي يظفر بالقبلات الحارة المجنونة، ويتنعم وحده بالعناق الشديد، ويتمتع بالأحضان العميقة الجياشة، واحتكر ذلك دون أبيه، وحل منها محله، وهو هو الذي كان يعدو من قبل في الطريق مطلقاً ساقيه للريح حتى يبلغ الدار للتمتع بها على آخر نفس.

ولا ريب في أن حب الأم وحب الأب مختلفان جد الاختلاف متباينان البون الشاسع، فأما الوالد فلديه نوعان من الحب تحت تصرفه، حب لزوجته، وحب لطفله وبنيه، ولا مشابهة بين الحبين، ولا مقابلة ولا مماثلة بين العاطفتين فأما حب المرأة فينبعث كله من معمل واحد وآنية واحدة، فإذا كانت سعة تلك الآنية صغيرة فلا بد أن يحرم أحد الشخصين المحبوبين من شيء من نصيبه وفي أغلب الأحيان الزوج. ويبعد أن يكون يوماً الطفل.

ومن هنا تدرك أن أفكار نوربرت كانت من هذه الوجهة في قلق وجزع فقد وقف حجاب