فعادت الفتاة تقول: يا الك من والدة محبة محبوبة جميلة كريمة القلب!
فحبذ ريتشارد رأي أخته فقال: هذا حق يا أخية، إنها أم جميلة محبوبة أليست كذلك يا أبتي؟
فقال الوالد وهو في أشد الاضطراب: نهم. . نعم. . بالتأكيد!
فانبرت الفتاة فيليس: إذن فقل ذلك يا أبي وصرح به صراحة، إنك لا تقول جملة في هذا الشأن بقوة وتبيان.
فأجاب مذعناً مستسلماً: إنها أم محبوبة. . محبوبة. . جميلة كريمة القلب ها أنا قد قلتها!
ولا ريب في أن الليلة التي سيروح صبحها طالعاً ببين وافتراق بين فتاة ستفارق العش الذي فيه درجت إلى بيت العروس. وبين فتى سيعود إلى ساحة القتال وحومة الوغى. تمسي كثيرة الأحاديث ساهرة، ويدور فيها الكلام طويلاً. ويستفيض فيها البحث في شجون مختلفة الألوان ولما كانت كل هذه الأحاديث لا يتيسر شرحها والمساهمة فيها على مائدة العشاء فقط ولا في قاعة الاستقبال كذلك. فلا تعجب إذن أن يذهب الجميع إلى حجرات النوم فيجلس كل منهم على سرير ويروح في شعاب طويلة من القول. وأخير انطلق الفتى والفتاة إلى النوم ومشى الأب والأم يريدان منامتهما. وعند رأس السلم وقف نوربرت وقال: سأذهب فأدخن لفافة تبغ!
فنظرت إليه زوجته وقالت: أحقاً تردي ذلك؟ إذن فلك ما تشاء.
وكان في صوتها رنة اضطراب وتردد وحسرة ورأى منها ذلك فنظر إليها في دهشة وعجب.
فقالت وهي تستجمع جأشها لقد كنت الآن في عجب مما قلته في مائدة العشاء إلى ريتشارد وهو أنه سيذهب الحب. أليس كذلك. فهل تذكر؟
فأجاب: أذكر إنني قلت شيئاً أشبه بهذا؟
قالت: وماذا كنت تعني به؟
فأجاب: لا شيء. . كلام في كلام!
فقالت: لقد أدركت المعنى الذي كنت إليه تقصد والآن لتذهب إلى تدخين لفافتك أستودعك