للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلد صبحت به الشبيبة والصبى ... ولبست فيه العيش وهو جديد

فإذا تمثل في الضمير رأيته ... وعليه أفنية الشبات تميد

* *

ألا يا حبذا وطني وأهلي ... وصحبي حين يذكر الصحاب

وما عسل ببارد ماء مزن ... على ضمأ لشاربه يشاب

بأشهى من لقائكم إلينا ... فكيف لنا به ومتى الإياب

ومولاي الأمير يعلم علماً ليش بالظن أن الحكام الغرباء عن البلاد مهما كانت منزلتهم من العدل لتأبى عليهم سنة الله في خلقه إلا أن يضيموا الرعية التي لا تمت إليهم برحم أو آصرة موطن، أما رهط المرء فرحم الله من قال:

لعمري رهط المرء خيرٌ بقيةً ... عليه وإنا عالوا به كل مركب

إذا كنت في قوم عداً لست منهم ... فكل ما علفت من خبيث وطيب

لذلك كله أقول وأنا آمن الأمير:

ولي وطن آليت أن لا أبيعه ... وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا

وهنا أطرق الأمير ثم ابنعث قاضي القضاة قائلاً: أظن أخانا المصري لا يغيب عنه أن الأرض ملئت اليوم جوراً ظلماً وعدواناًَ، وذاع الفساد في البلاد وعم الشر وطم، فلا بد من إمام عادل يملأ الدنيا قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلما، ولا يكون هذا الإمام إلا من ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وها هو ذا قد صدق رسول الله وعده وجاء إلينا إمام المسلمين العادل الرحيم البار برعيته، الداعي إلى الحق والقائم بنصرته مولانا وابن مولانا المعز لدين الله ابن مولانا المنصور ابن مولانا القائم ابن مولانا عبيد الله المهدي أدام الله تأييده، هذا إلى أنه لا يوجد اليوم بين ملوك المسلمين من هو أعز من مولانا نفراً وأكثر مالاً ووفرا، وأقوى سلاحاً وشوكة وأبعد في سياسة الأمم تجربة وحنكة، فكان لذلك من الواجب الحتم على كل مسلم أن يعمل على نشر دعوته، ويستظل برعاتيه، فما كاد قاضي القضاة أن يتم كلامه حتى ابتدرت فقلت: إن المصريين لا ينكرون على أمير المؤمنين المعز لدين الله شيئاً مما قلت بيد أن مولانا حفظه الله يعرف مما عرف من طبائع البشر أن الأمة التي تغلب على أمرها، ويخفق عليها لواء غيرها، وتصبح بالاستعباد آلة