للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بل علم الناس أن النظافة الظاهرية والتطهر البدني لا يقتضيان الإيمان الصادق والعبادة المطمئنة وأنه لا بد من تطهر الروح بجانب طهارة البدن. ولا غناء عن خشوع النفس وغسل أردانها في سبيل القربة من الله.

ولكي يبقى مهد الإسلام حياً باقياً في ذاكرة العالم الإسلامي، علم محمد قولوه أن يولوا وجوههم شطر مكة وجعلها القبلة التي شهدت الضياء الأول من نور الحق الجديد ورأى ببصيرة النبي الآثر العظيم الذي يحدث من تحديد بقعة عامة تجتمع عندها على كر الأدهار عواطف أهل دينه والمؤمنين بعهده فوصى المسلمين أن يولوا وجوههم عند الصلاة صوب الكعبة. وفي هذا يقول ستانلي لين بول:

إن مكة للمسلم بمثابة أورشليم للإسرائيلي فهي تعيد إليه قروناً وأجيالاً من الذكريات. وتحمل المسلم فتعود به إلى مهد إيمانه ودينه ومولد نبيه. وتذكره عهد النضال الذي كان بين الدين القديم والدين الجديد. وتحطيم الأصنام وكسر شوكة الأوثان وتأسيس دين الله الواحد القهار. بل فوق كل هذا تدعوه إلى ا، يذكر أن أخوانه المسلمين جميعاً يعبدون الله موجهين وجوههم صوب المكان الذي ولى هو وجهه نحوه. وأنه ليس إلا فرداً في شركة من المؤمنين. تربطهم جميعاً عقيدة واحدة. وتجري في نفوسهم آمال واحدة. يقدس الفرد منهم ايقدس الجمع. ويجتمعون على عبادة إله واحد. وقد دل محمد باحتفاظه بذكر المهد الأول للإسلام على علمه الواسع. ونفاذ بصيرته وتمكنه من معرفة النزعات الدينية الصحيحة في الإنسان!.

إن فريضة الصوم وجدت بين جميع الأمم ولكن ينبغي أن نقول أن المعنى الذي كان يفهم منها والفكرة التي كانت تلتصق بها في العالم القديم وفي أهل الدين الغابرين جميعاً بلا استثناء هي أدنى إلى التعذيب منها إلى قمع الشهوات. حتى أن فكرة الصوم في الشريعة اليهودية لم تلبث أن نمت حتى أصبح يفهم منها أن الصيام ليس إلا المغالاة في تعذيب النفس وسومها العذاب الشديد والرهق العظيم، ومنهم أخذ المسيح هذه الفكرة كذلك. وقد كان استمساك عيسى بهذه الفريضة الباعث الذي جعل الصوم عند المسيحيين فريضة مقدسة ولكن الفكرة السائدة لدى أهل المسيحية عامة من ناحية الصلاة هي أنها الصوم يقصد به إلى التكفير والاقتداء بالمسيح على أن وسائل تعذيب البدن طواعية واختياراً كانت شائعة