للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن من أكبر أسباب الخيبة في مثل هذه الأحوال من التردد والارتباك هو إحجام المرء عن مواجهة الحقائق، هذه الحقائق، هي أشياء حاصلة ترعاها عيناك. وتلمسها يداك، فإذا كنت تستطيع إزالتها وتغييرها فافعل. وإذا كنت لا تستطيع ذلك فماذا لجاجك وإلحاحك في محاولة تبديل ما لا يبدل وتحويل ما لا يحول. وأحمق من ذلك وأسخف أنك تجلس فتقطع نفسك كمداً وحسرة لأن هذه الحقائق لا تبدل ولا تحول.

ومما هو جدير بالذكر أيضاً أن تسعة أعشار الناس لا يستطيعون (العزلة الذهنية) أعني الانفراد بأذهانهم عن مشاركة الغير في الآراء والأفكار. فالإنسان مدني بالطبع يحتاج إلى تبادل الرأي والفكر مع عشرائه وجلسائه فمشاورة الصديق ومحاورة الرفيق من أوجب الواجبات ومن أهم ضروريات الحياة.

وإن اختزان الأفكار والهموم في الصدر كاختزان الطعام والشراب في المعدة كلاهما يحتاج إلى دواء مسهل، فإذا غص ذهنك بالمكدرات والمنغصات من جراء أمر ما فابغ لها ما يخرجها من بطنك ويلقيها من جوفك! ولن تجد غير المجاورة والمشاورة دواء مسهلاً. وما زالت الصراحة والإفشاء أنفع الملينات الذهنية. وأنجع المسهلات العاطفية فتعاطها تبرأ بها.

وأذيع مظاهر الضجر وأشغلها لبال المصاب بها هو الأرق. والأرق إذا دام أحدث ولا شك أثراً سيئاً في البنية والأجهزة الحيوية.

وإني أكرر هنا أن تضجر الإنسان بسبب الأرق شر علبه من الأرق ذاته. بيد أنك على كل حال محق في حرصك على النوم. وأنت إذا ابتغيته من وجهه فلا بد أن تناله.

اقتصد في طعامك وشرابك وسائر أركان حياتك. ولا تجاوز في عملك ولهوك حد الاعتدال إلى طور الإنهاك والإرهاق. فإذا لم تجد بداً في بعض الأحايين من الإفراط في الكد فابتغ سبيل الموازنة بإنالة نفسك من الراحة مقدار ما حملتها من التعب وخذ بقول القائل إني لأستجم نفس بالشيء من الباطل ليكون أقوى لها على الحق. ويقول الآخر حادثوا هذه القلوب فإنها سريعة الدثور. ولا تحمل يومك عمل الغد فوق عمله فإن ذلك ضرب من الظلم والحيف والطمع الوخيم العواقب.

وإذا لهوت فكن جاداً في لهوك فاله من صميم قلبك ومن أعماق نفسك. ولا تقف متردداً بين