معنى وأد البنات إبادة النساء وإفناؤهن عن آخرهن ولا إنقاص عددهن إلى ما دون عدد الرجال وإنما معناه حفظ التوازن بين الرجال والنساء وكان يقتل منهم العدد العظيم بسبب الحروب المتتابعة التي كانت تنتاب القبائل ولا يقتل من النساء إلا اليسير فعددهن والحالة هذه يزيد على عدد الرجال فاستن وأد البنات للتخلص من هذه الزيادة فقط لا لإبادتهم ولو كانت القبائل التي تخطف نساء القبائل الأخرى تفعل ذلك لقلة نسائها لما أباحت تعدد الزوجات ولكانت تمقته وتحرمه أشد التحريم بيد أن المشاهد أن سبي النساء مقترن دائماً بإباحة تعدد الزوجات وهذا كاف في تفنيد هذا الرأي.
ويرى هربرت سبنسر أن عادة الزواج من خارج القبيلة ناشئة عن الحروب الطويلة التي كانت تضطرم نيرانها من وقت لآخر بين القبائل وذلك أنه في نهاية كل قتال يأخذ المنتصر من الغنائم والأسلاب ما كان سهل الحمل كثير الفائدة كالماشية والحلي والنقود أو يفخر به لدلالته على الشجاعة والاقتدار والتنكيل بالأعداء مثل الجماجم والآذان والشعور.
والسبي الجامع لهاتين المزيتين فإنه يعلي قدر الرجل من حيث دلالته على الظفر بالأعداء ويكسبه زوجات يتمتع بهن وأرقاء يستخدمهن في مرافق حياته. وكلما ازداد عنده عدد هؤلاء النسوة ازداد غنى ورفعة فلا غرو أن تتفانى القبائل الحربية في اقتناء النساء المسبيات وتتيه بهن عجباً وفخراً وتعتبر الزواج بهن غاية المجد والشرف وتأنف رجالها من أن تتزوج من بين نسائها. وإذا عجز الرجل عن أن يقتنص في الحرب امرأة يتزوج بها احتال على خطفها حتى لا يكون مرذولاً عند قبيلته محتقراً بين أخوانه.
ونشأ عن عادة سبي النساء وخطفهن، وعن تفكك روابط الزوجية وعدم الاعتداد بحرمتها انتساب الأطفال إلى أمهاتهم لا إلى آبائهم وذلك لتعذر معرفة الأب في معظم الأحايين ونشأ عن ذلك عادة أخرى وهي اعتبار البنات التي تولد في القبيلة من أمهات أجنبيات كأنهن كذلك أجنبيات يجوز لرجال القبيلة الزواج بهن.
ولكن حينما تخلد القبائل الحربية إلى السكينة والسلام وتأخذ بأسباب التحضر لا تلبث طويلاً حتى تكف عن شن الغارات من أجل سبي النساء وتتهاون في تحتيم الزواج بالأجنبيات وتتلاشى هذه العادة وتزول ولا يبقى منها إلا آثارها فقط، وأول من يتخلى عنها طبقة الأشراف فهي التي تبدأ أولاً بالزواج من نساء القبيلة وتكتفي في ليلة العرس بتمثيل