للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والنسب بجانب صلة المصاهرة وعلم الناس بها ومعرفتهم لها واحترامهم إياها.

ولكن لتعدد الزوجات مضار عظيمة، منها فقدان المحبة والإخلاص بين الرجل وزوجاته وتجرد علاقات الزوجين ببعضهما من روح الكمال والجمال واقتصارها على إشباع الرغبات المادية فلا تخلص المرأة لزوجها الود ولا تغار على صالحه كثيراً ولا يعني الرجل بشؤون امرأته ولا يعتد بما تحب وتكره بل يهملها ويهمل أولاده منها ويتركهم لعنايتها من غير أن يرعاهم هو أيضاً ويتدبر أمورهم وما أضر هذا الإهمال على الأطفال، يورثهم أمراضاً كثيرة مادية وأدبية. وقد ذكر بعض السياح أن سود أفريقيا لا يغازلون نساءهم ولا يغارون عليهم ولا يفقهون معنى الحب بل ولا توجد في لغاتهم لفظ يدل عليه.

وأشد من هذا، الكراهية التي يبذرها تعدد الزوجات بين الأخوة لأب فإنهم يشبون على البغضاء الضغينة ويضمرون لبعضهم الحقد لكثرة ما يقع بين أمهاتهم من التحاسد والشقاق وما تلقنه كل أم لأولادها من بغض الآخرين وما أشد ما لاقته الدول الشرقية من جراء تعدد الزوجات فإنه لا يكاد الخليقة أو السلطان يموت حتى تهب الثورة وتتمزق أحشاء الدولة وتنقسم إلى فرق وأحزاب يقود كلاً منها أحد أبناء السلطان المتوفي ليحارب أخاه لأبيه ويغتصب منه الملك ولقد تلافى أحد السلاطين هذه الكارثة بأن ذبح جميع أخوته حين جلوسه على العرش واستأصل شأفتهم ولا تزل بعض العائلات الشرقية تتقلب على أحر من الجمر وتصطلي جذوة الانقسام والشقاق بسبب تعدد الزوجات.

يتوهم البعض أن تعدد الزوجات يفضل الزواج بامرأة واحدة من حيث التناسل وزيادة السكان ونمو العمران وهو وهم لا أساس له من الصحة إلا في حالة واحدة وذلك حينما يفوق عدد النساء عدد الرجال بكثير أما إذا كان العددان متساويين أو متقاربين فالزواج بامرأة واحدة خير وأدعى إلى التكاثر فإن المتزوج بنساء كثيرات لا يسعه أن يلتفت إليهن جميعاً على السواء ويساعدهن على أداء وظيفتهن التناسلية بدون محاباة بل لا بد أن يهمل بعضهم لعيب فيهن ويفقدن وظيفتهن وبقدر عدد هؤلاء النسوة المهملات تقل نسبة المواليد.

إن الاقتصار على زوجة واحدة خير من تعدد الزوجات فإنه يدعو الزوجين إلى التآلف والوداد ويغرس في قلوب الأطفال محبة بعضهم البعض ويجعل من أفراد الأمة كتلة صلبة عمادها التضامن الاجتماعي ولحمتها الارتباط العائلي المتين.