للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنهم ليتهمونني: أنا ناظم هذه الأبيات - بأني أميل إلى إنقاص الفضيلة الإنسانية، والاستهزاء بالمقدرة البشرية. . يا لله! هل قلت في ذلك أكثر مما قاله دانتي وديوجانس وسليمان وسيرفانتس وسويفت وما كيافيللي وروشفوكول وفينيلون. ولوثر وأفلاطون وتليتسون ووسلي وروسو. الذين أدركوت أن هذه الحياة لا تساوي فتيلاً ولا قطميراً. فما ذنبي أو ذنب هؤلاء الفلاسفة إذا كانت الدنيا بهذا الحد من الخسة والدناءة! لقد قال سقراط إنما أقصى علمنا أن نعلم أنا لانعلم ولن نستطيع أن نعلم أدنى شيء من هذا الوجود. فيا لها من منزلة رفيعة في العلم تسوي بين الحمار وبين أنبغ حكماء الحاضر. والمستقبل والغابر. وكذلك زعم نيوتون (مضرب الأمثال في العلم والذكاء) إذ قال - بالرغم من عجيب مستكشفاه ونادر مبتدعاته - إني لا أرى نفسي إلا كطفل يلتقط الصدف والمحار على ساحل البحر العظيم - الحقيقة.

وقد قال الأنبياء ومشايخ الأديان في قديم الزمان إن (الحياة كلها غرور) وكذلك قال أحدث الوعاظ وصدقت أقوالهم أفعالهم بما أظهروا من احتقار الدنيا وترك شهواتها وهجران لذاتها. وكذلك كل العقلاء والمفكرين يعلمون ذلك أو سيعلمونه. أفبعد ما اعترف بفناء الوجود ولا شيئية الحياة طوائف الأنبياء والقديسين والحكماء والقسيسين والشعراء والمنطقيين حجم أنا عن القول بغرور الحياة خشية المعارضين النقاد؟.

أيها الناس يا زمرة الكلاب - إني لأعطيكم من المدح فوق ما تستحقون إذ سويتكم بالكلاب لأنها خير منكم وأكرم - سواء عليّ أتقرأون أم لا تقرأون ما أقدم لكم من وصف حقيقتكم وبيان ماهيتكم وسرد مساويكم وعد مخازيكم. وكما أنه لا يضير السحاب نبح الكلاب فسيصب عليكم عارضي الهتان دوافقه وينزل فوق رؤوسكم صواعقه مهما علا صياحكم وكما أن الأقمار لا تحفل بعواء الذئاب فكذلك ملائكة شعري ستشرق في سمائها بالرغم من عوائكم: فاملأوا الدنيا صراخاً فإنكم لن تمنعوا ملائكة القريض أن تضيء سبلكم المظلمة. وترصع بسبائك لجينها جوانب حياتكم المعتمة.