للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبب ذلك راجع إلى القساوسة القائمين بأمر التعليم والتربية إذ يبذلون أقصى الجهد في نقش قواعد الإيمان على صدور الصغار في أيام الطفولة بطريقة تؤدي إلى شلل جانب من الدماغ - هذا الشلل يظهر لنا أثره وتبدو أماراته فيما لا يزال يشاهد فيهم طول أعمارهم من التعصب الممقوت والجمود المستنكر الذي قد يسف والغباوة يصبحون معه لغزاًَ غامضاً وأحجية معماة. وإذ قد ثبت لنا أن التعاليم الدينية لا يمكن غرسها وترسيخها في القلوب إلا في عهد الطفولة اللين الرقيق فإن فكرة البعثات الدينية هي لا شك باطلة ومشروعها ضرب من العبث محكوم عليه بالخيبة والفشل - وهو فرق ذلك نوع من اللجاجة المرذولة والفضول الممقوت والجور والطغيان والحمق والسفه - بدليل أن هذا المشروع لا يقصره أربابه على الأمم التي لا تبرح في طور الطفولة كأمة (الهوتنتوت) و (الكفرة) وأهالي جزائر البحر الجنوبي وإضرابهم ممن قد ظهر فيهم نجاح المشروع بالفعل - بل يحاولون تنفيذه في بعض الأمم ذات المدنيات القديمة والأديان العميقة المهذبة.

فتراهم إذا حاولوا تنصير البراهمة من الهنود فلا يكون من أولئك البراهمة إلا أنهم يقابلون ما يعرض عليهم المبشرون من عقائد المسيحية بابتسامة الساخر الهازئ المتفضل على محدثه بالتنازل إلى استماع حديثه أو يقابلون ذلك الحديث بهزة استهزاء من أكتافهم. فلا يكون نصيب المبشرين من أمثال هؤلاء الأقوام إلا الفشل والخيبة.

وقد جاء في بعض التقارير الموثوق بها بالعدد الحادي والعشرين من مجلة (اشياتيك ريفيو) المجلة الآسيوية لعام ١٨٢٦ أنه بالرغم من مجهودات المبشرين العظيمة المتوالية مسافة أعوام عدة في كافة بلاد الهند (البالغ فيها عدد المحكومين بالدولة البريطانية مائة وخمسة عشر مليون نفس) لا يربو عدد المتنصرين عن ثلاثمائة وقد اشتهر أولئك المتنصرون فضلاً عن ذلك بمنتهى الفسق والفجور وفساد الأخلاق. أجل هذه الملايين العديدة لا يبلغ فيها عدد المرتشين القليلي الذمة المتجرين بعقائدهم وأرواحهم أكثر من ثلاثمائة ولا أرى أن النصرانية ازدادت رواجاً في الهند منذ ذلك العهد بالرغم مما يبذله المبشرون الآن - ضد المعاهدات والاتفاقات - من التأثير في نفوس الأطفال في مدارس موقوفة على بث تعاليم الكنيسة الإنكليزية بقصد تهريب المسيحية إلى داخل بلاد الهند ولكن الهنود لسوء الحظ واقفون لتلك البضاعة المهربة بالمرصاد فتنصر أولئك الكبار من الهنود والكبار على