للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأصلية كان معاصراً لتلك المشاحنة الدينية التي وقعت بين فرعي الأسرة الآرية فأدت إلى طرد الفرع الشرقي من مواطنه الأصلية هضبة بكتريا. وذلك أن أستاذاً يدعى زرادشت أحدث بين الآريين الغربيين ثورة دينية عظيمة فنشبت عن الحركة المذكورة معركة دينية شديدة كان من آثارها تلك اللعنات الشائعة الخالدة التي صبها شعراء الفيديين على عدو أمتهم ودينهم - زرادشت هذا. وإن أهاجي أولئك الشعراء الموجهة ذد الملة الجديدة هو أقطع دليل على أن هذا الانشعاب الديني كان السبب في انشعاب فرعي الأمة الآرية الأصلية وانصداعهما.

ولعلها كانت اول حرب دينية وقعت للبشر. في هذه الحرب استطاعت القبائل الغربية المتدينة بمذهب الثنوية (أي القول بوجود إلهين - إله خير وإله شر أو أصلين هما النور والظلمة) أن يطردوا أخوتهم - المتدينين بمذهب خليط - نصفه الإسراك أي تعدد الآلهة ونصفه الحلول أي الاعتقاد أن الله حال في كل شيء - فيقحموهم أرض باروبا ميسادي وعلى ذلك تدفق الآريون الشرقيون في بلاد الهند فاجتاحوا الأمم القديمة السوداء يوسعونهم ذبحاً وأسراً ويعاملونهم معاملة الأرقاء والعبيد.

على أن الفرق بين الديانتين الفيدية والزرادشتية لم يكن إلا نسبياً محضاً - وذلك أن ديانة زرادشت استعاضت عن عبادة الشيء بعبادة السبب فصيرت آلهة الفيديين أبالسة وصيرت عبدة الفيدية كفاراً. بينما شعراء الفيديين من وجهة أخرى وصموا إله أضدادهم أهورا بالشر وسموع أصورا أي القوة المعادية للإله وصبوا اللعنات الملتهبة على رأس زرادشت.

إن تاريخ ميلاد زرادشت الأول ومسقط رأسه مجهولان محتجبان في ظلمات الخفاء. غير أنه قد زهر في عهد داراهستابيس أستاذ آخر تسمى بعين هذا الاسم زرادشت فأحيا التعاليم القديمة ونظمها ووسع أساسها.

تدفق سيل الغزوات الآرية في الهند مستفيضاً شرقاً وجنوباً مدة عدة قرون وبديهي أن الجاليات الآرية تأثرت بوثنية الأمم التي غزتها وملكتها أو التي استقرت بينها - حتى نتج عن ذلك التأثر السيء عبادة السكتي الوحشية الخبيثة القذرة من ناحية - وشهوانية مذهب كرشنا السافلة من ناحية أخرى.

ولكن صميم الأمة الآرية بقي لقرون عديدة محتفظاً بالأفكار والعواطف التي انتقلت معه من