العسكرية من الروح الإنكليزية وليس لإنكلترا بسبب موقعها الجغرافي وانفصالها عن القارة الأوروبية جيش كبير بخلاف فرنسا وألمانيا فإن الخدمة العسكرية فيهما تستنفد عدداً عظيماً من الشبان وتمنعهم من القيام بنصيبهم من الأعمال وتلقي بعبء هذا النصيب عل عاتق النساء.
فترى النساء في فرنسا وألمانيا يشاركن الرجال في العمل في الحقول ويزاولن خارج المنازل أشغالاً كثيرة بخلاف الإنكليزيات فإن عملهن سهل خفيف والإنكليزي مشهور بظرفه مع النساء حتى يضرب به المثل في ذلك ويترك لأولاده الذكور والإناث على حد سواء مجالاً عظيماً من الحرية.
أما الألماني فيعود أولاده على الطاعة والنظام وقد قالت سيدة ألمانية أقامت مدرسة في إنكلترا مدة طويلة أن متاعب التدريس في المدارس الإنكليزية أشد منها في ألمانيا وذلك لنزوع الروح الإنكليزية إلى الحرية وانطباع الروح الألمانية على الطاعة والنظام.
وقد بلغت الروح العسكرية في فرنسا مدة حكم نابليون الأول مبلغاً عظيماً أقست قلوب الرجال وملأت نفوسهم كبراً وأنفة حتى أنستهم واجبهم نحو الضعفاء في كثير من الأحيان.
وقد حكي عن نابليون أنه قال يجب أن يكون للزوج على امرأته سلطان مطلق.
أما في أمريكا فقد بلغت المرأة مركزاً سامياً لم تبلغه نساء البلدان الأخرى لضعف الروح العسكرية وعدم الحاجة إلى جيش كبير.
وإذا رجعنا إلى الشرق الأقصى تتجلى لنا صحة النظرية بوضوح تام فإن الصين منذ ألفي سنة لم تستقر على حال من القلق والثورة بسبب تفكك أجزائها وتحللها ثم تجمعها واتحادها وتعاقب ذلك على مدى هذه القرون الطويلة ومكثت أجيالاً عديدة في حرب وكفاح مع التتار والمغول وفشا عن ذلك روح عسكرية قوية واستبداد مطلق في الحكومة والعائلة واستهتار بالمرأة إلى درجة الإتجار فيها والتسري بها وإشغال كاهلها بأشق الأعمال كجر العربة والمحراث ولكن في هذه الأيام الأخيرة تحسنت حالتها نوعاً ما بفضل ما أصاب الرأي العام من التطور والرقي والطموح إلى الحرية.
وكذا اليابان فإن حروبها الداخلية الطويلة أكسبتها روحاً عسكرية ووصمت الحكومة فيها والعائلة بطابع الاستبداد المطلق فالمرأة من زمن غير بعيد كانت تسام الهوان وتباع