للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يرد عنك عرام الحزن ويكف غرب المصاب فأنت وحدك - وإذا أرسلت رائد طرفك في صفحات حياتك الغابرة بهدوء لا ترنق صفوة رياح العواطف، ولا تهتاج ساكنة ثوائر النزعات - في وسعك أن تعمري في ليل النسيان تلك الخيالات التي تزورك، والأشباح التي تطرقك، أنت - ولا أحد سواك - في وسعك أن تبصري نفسك أن الحاضر سواء أصلدت أخلاقه صلابة أم رقت عذوبة لا منصرف لنا ولا متحول عن أن نلاقيه بأنفس كثير الرزايا عندهن قليل، فلا تزدهف لبناً حوادثه ولا تهفو بأحلامنا رواياه وإلا فأين منازل الإجلال اللائق بروحك الخالدة ومعاهد الإيمان بالزمن المقبل الخطوات، ذلك المستقبل الذي ستشرق فيه الشمس جلواء الطلعة لا تحجبها عن النواظر مطارف الغيوم أو جلابيب السحب. إن كل ما تحويه قدرتي وتحده طاقتي أن أنصح لك أن تنصبي في طلاب القيام بالواجبات، وليس مرمى خاطري هنا الواجبات التي تضفي على حياتك ظلال السعادة، فإن السعادة من وراء طاقة البشر ومن فوق إمكانهم، وإنما معقد أفكاري وقبلة خواطري الواجبات الدينية التي تفيض في نفسك قوة المثابرة وتكسو الحياة حلة مقدسة وتهون عليك الاستسلام للمقادير، ولكني على ثقة أن نصيب تلك الواجبات منك الصد والاستهتار، إنا كلينا يحمل في مخيلته صورة للحياة جد مختلفة عن الصورة المرتسمة في ذهن الآخر، وقد كتب لنا في لوح المقدور أن نسير في طريقين متوازيين، ولكن عرفاني بقيمة تلك الواجبات ما زال هو الدافع الصادق الذي يتجافى بنفسي عن مهابط الكفر والإلحاد، وينأى بي عن مساقط اليأس والقنوط ويحثني على المسير متلفعاً برد الهدوء في طريق حياة تزداد على تسلسل الأيام إقفاراً ويتكاثر حملها على تجرم الأعوام ثقلاً. وإني أعترف إليك وأنا مبلول الجوانح قرير العين أنه بما استقر في علمك عني ومما سأدرجه عنك في سبائب الكتمان أني أضطلع من الأيام بأعباء ترق عنها صفحة احتمالك، وقد لاقيت من مؤلم الخداع ومرير الشكوك ما لم يضطرب بمثله جنانك ولم يتلجلج نظيره في خاطرك ولكني جاعل قيد عياني أن لا سعادة تحت السماء وأن حياتنا تضحية لغرض أسمى وأنبل وأوفر سعادة وأكثر بلهنية، وكفاني من الأيم أن يكون لي أحباب وإذا بخلت الأيام بذلك فكفاني أن يكون لي والدة ترصدني رعايتها وتكلؤني عنايتها من نواحي إيطاليا أو من نوافذ السماء فذلك كاف ليحميني الوقوع في الشرك والارتطام في الوهدة وما يسفر