واقعة على البحر الأبيض المتوسط على مسافة ١١٠ كيلو متراً من تونس إلى الجنوب الشرقي) فوصلوا إلى مدينة مأزر من صقلية وساروا إلى بلاطة الذي قاتل فيمي فهزموه والروم الذين معه وغنموا أموالهم وهرب بلاطة إلى قلورية (كلابرة - جنوب إيطالية) فقتل واستولى المسلمون على عدة حصون من الجزيرة وجرت وقائع كثيرة بين الروم وبين المسلمين امتدت سنين طوالا وانتهت باستيلاء المسلمين على جميع جزيرة صقلية - ولما استولى عبيد الله المهدي على أفريقية ودانت له وبعث العمال في نواحيها بعث على جزيرة صقلية الحسن بن علي بن أبي الحسين الكلبي من وجوه قواده فذهب إلى صقلية ومهد الأمور واكتسح بلاد قلورية (كلابرة) وتغلغل في أحشائها وبني بمدينة ريو مسجداً كبيراً في وسط المدينة - وجملة القول أن العرب بلغوا من الفتوحات في إيطالية ان استولوا على معظم البلدان الجنوبية وقرعوا أبواب رومة وحالفهم أهل نابلي وتمتعوا بخيرات إيطالية وسادوا أهلها وعبروا على ذلك حيناً من الدهر وبقيت صقلية في يد المسلمين نيفاً وخمسين ومائتين جعلوها في أثنائها بلاداً عربية بحتة فكنت لا ترى في شوارعها إلا العمائم والبرانس والخفاف والنساء بالخمار والنقاب والأزار: وقد زارها ابن حوقل الرحالة المشهور في منتصف القرن الرابع الهجري وقال فيما قال عنها: وقصبة صقلية مدينة بلرم وهي مدينة كبيرة سورها شاهق متسع مبني من حجر وجامعها كان بيعة وفيها وفي الحارات المحيطة بها نيف وثلثمائة مسجد وقد رأيت في بعض الشوارع على مقدار رمية سهم عشرة مساجد بعضها تجاه بعض: وقد أنجبت من العرب المسلمين علماء وشعراء وفلاسفة وفقهاء - ذكرنا بعضهم في كتاب حضارة العرب في الأندلس - أما كيف أخذت صقلية من يد العرب فإنك ترى ذلك مفصلاً في ترجمة ابن حمديس الصقلي المذكورة في العدد الثاني من البيان صحيفة ١٢٤ وما يليها - هذا ولما تقلص ظل العرب من جنوب إيطالية خضعت إيطالية الجنوبية إلى مملكة الروم في القسطنطينة ومضت على ذلك نحواً من قرن وكان سائر إيطالية عدا ذلك تحت نيرجرمانية ثم استظهر النرمنديون على العرب والروم وملكوا جنوب إيطالية وصقلية وسنأتي على باقي تاريخ إيطالية القديم والحديث في مقال آخر واف وننتقل الآن إلى ذكر فذلكة تاريخ طرابلس الغرب وتقويمها.