للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- مثل هؤلاء لا يعجزهم أن يكسروا قيودهم ويصدوا عنهم الأغلال ويردوا عن أوطانهم رعيل الممالك المتواطئة على سلب حقوقهم ويستذلوا الجموع المحتشدة لسحق حريتهم وليس في الأرض قوة تردهم عن الغابة التي صمدوا إليها والمطلب الذي قصدوا إليه وبقد كانت النيران التي أضرمت في أبدان القوم مدعاة إلى عبادة الحرية وقد حملوا ما يعي عن حمله المناكب وبقوا من الآلام ما لا يملكون التعبير عنه لأنه تجاوز الحد وفات الغاية وستكون ثورتهم لذلك يحسر دونها الوصف ويخون نعتها البيان ولقد كانت أحزانهم مباركة وقد علموا من كل دمعة مترقرقة حقيقة مشرقة وكان كل سنة تتسلخ بضحاياها تزيدهم إيماناً بالتضحية وأملاً في الخلاص والحرية ولقد تجرعوا الكأس مترعة ولم يتركوا بها صبابة فلم يبق لهم إلا كسر تلك الكأس.

يقول لنا فريق من خصومنا إنكم تسخرون بأنفسكم وتزينون لها المحال وإن اليقين قد غاب من النفوس وقد صدأت القلوب وقد ران عليها الخمول ولقد طال عهد القوم بالقيود حتى فترت عزائمهم ونكلت هممهم ونسوا المشي والحركة وأنكم تحاولون أن تثيروا حفيظة جماعة من الأرقاء المستضعفين الأذلاء المنبوذين فكيف تجمعون شتاتهم وتؤلفون شملهم لملاقاة الصعاب ودفعها ورد البلايا ودرئها وقد طالما أهبتم بهم إلى الكفاح والمجالدة في طلب الحرية وبغية الانتقام فتصاموا عن النداء أو رفعوا رؤوسهم المشوشة برهة ثم عادوا إلى سباتهم وبقد شاهدوا جنائز الشهداء تمر أمامهم ولم يكن يخالط عقولهم أو ينصب في آذانهم إنهم يشيعون منها إلى القبر حقوقاً فرطوا في التماسها وأخلوا في طلبها وإن نفوسهم إلى المال منجذبة إلى الماديات وإن الخوف ليقع في قلوبهم من كل جرس ولقد خمدت في نفوسهم نيران الحماس وليس من الميسور معاودة إشعالها وبدون مناصرتهم لا يتم لكم أمر ولا يعتدل بكم حال وليس في طاقتكم أن تبلغوا شأو الانتصار ولكن في مكنتكم أن تلقوا عليهم دروساً في التضحية إذا اعتقدتم أن الدماء المسفوكة لا تنشب أن ينهض على آثارها جبل من الساخطين المنتقمين الثائرين المتمردين ينادون بالثارات ويصبون الويلات ولكن لا تجشموا على المكروه من لم تكن له نفس وثابة كنفوسكم أو همة قعساء كهمتكم أو مال كبار كآمالكم. . . . .

إن اليقين يتطلب غرضاً شاملاً يعانق الحياة ويضم بين حاشيته كل مظاهرها ويحول كل