للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما زالت الأساطيل تلعب كأنها في سوح القتال، من لدن ذَرَّ قرن الشمس إلى أن جاء وقت الزوال.

* * *

وهنا يجمل بنا أن نقول لك القول على أنواع السفن التي يتألف منها الأسطول الأندلسي وعُددها وآلاتها - فمن تلك الأساطيل نوع ما يقال له الشواني جمع الشونة أو الشيني كما بك آنفاً - وهي أجفان حربية كبيرة تقام فيها الأبراج والقلاع للدفاع والهجوم - وأبراجها ذات طبقات مربعة - فالطبقة العليا منها تقف منها الجنود المسلحة بالقِسيَّ والسهام - وفي الطبقة السفلى الملاحون الذين يجذفون بنحو من مائة مجذاف، ويتراوح ما تحمله الشونة من الشونة من المقاتلة - ما بين المائة والخمسين وبين المائتين - وتجهز الشواني وقت الحرب بالسلاح والنفطية والازودة بله الجنود البحرية، ومن أنواع الأسطول نوع يعرف بالبوارج جمع البارجة وهو أكبر من الشواني - ومثله نوع يقال له المسطحات - ومن هذه الأساطيل نوع يقال له الحرافات جمع الحرافة وهي مراكب حربية كبيرة قُرابَة الشواني بيد أن هذه تماز عن تلك بالمنجنيقات وتلك هذه عن بالقلاع، فتراهم يحملون في الحراقة مكاحل البارود والعرادات والمنجنيقات يرمي بها النفط المشتعل على الأعداء - وهم يعملون الحراقة في صورة الأسد وفي صورة الفيل وفي صورة العقاب وفي صورة الحية وفي صورة الفرس كتلك الحراقات التي كانت للأمين بن الرشيد والتي يقول فيها الحسن بن هانئ:

سخر الله للأمين مطايا ... لم تسخر لصاحب المحراب

فإذا ما ركابه سرن برا ... سار في الماء راكباً ليث غاب

أسداً باسطاً ذراعيه يعدو ... أهزت الشدق كالح الأنياب

لا يعانيه باللجام ولا السو - ط ... ولا غمز رجله في الركاب

عجب الناس إذ رأوه على صو - رة ليث يمر مر السحاب

إلى أن قال يصف هذه المطايا:

تستبق الطير في السماء إذا ما ... استعجلوها بجيئة وذهاب

ذات سور ومنسر وجناحين ... تشق العباب بعد العباب