للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويتساندون. ويتآزرون ويتناصرون. فيصبحوا جميعاً حزباً واحداً وعصبة فردة ضد الأقوام غير المسيحية جميعاً. ففي انكلترا كانوا يعذبون اليهود ويشنقونهم. وفي اسبانيا كانوا يحرقون المسلمين. وكان الزواج أمراً محرماً بين النصارى واليهود وبين النصارى والكفار (يعني المسلمين) وإذا وقع عد باطلاً وملغى. بل كان عند المسيحيين من أشنع المحرمات يعاقب عليه بأشنع العقوبة بل إنا لنبصر في هذا العصر الحاضر أمريكا المسيحية تلقي في النار الزنجي المسيحي إذا جرؤ على التزوج بامرأة مسيحية بيضاء. فهذا وربك أثر آخر على طغيان المسحية!

ولا تزال هذه اللحظة ترى أن بقعة لم تفض فيها أنهار العلوم الحديثة وكل ناحية لم تبعث فيها مبادي، التفكير النظامي العلمي روحاً جديدة - فهنالك روح القسوة والاستبداد والعنف والتعسف لا تزال سائدة متسلطة، وهنالك البغض القديم والحقد على الإسلام لا يزال يبدو في مظاهر شتى: في حملات الصحف والجرائد وغيرها من النشرات والرسائل وفي أحاديث الأندية ومجادلات المجالس ومشاحنات المحافل وفي تضاعيف الخطب والمحاضرات العامة، فروح الاضطهاد لم تذهب إلى النصرانية ولم تنعدم ولكنها كامنة راكدة تتوقع أدنى استثارة من رجل متعصب متعسف فتنفجر انفجار البركان. وتنبجس انبجاس الطوفان.

وكمين الحريق في العود مخفي ... وحقين الرحيق في العنقود

والآن نتحول عن هذه الصورة المنكرة إلى عالم الإسلام. فنقول: بينما كانت المسيحية تبتلى بأفظع ضروب الاضطهاد ملتي اليهود والنسطوريين على حد سواء وقوم أسوأ العذاب أولئك الأقوام المزعوم أنهم ذرية الذين صلبوا الهم الروحاني والذين أبوا أن يقدسوا أمه العذراء - بينما كانت المسيحية تصنع هذا بهؤلاء الناس كان الإسلام يترفق بهم ويتعطف عليهم ويمنحهم نعمة رعايته وحمايته.

أجل بينما كانت اوروبا المسيحية تحرق الساحرات والخوارج والزنادقة وتذبح اليهود والكفار (أعني المسلمين) كانت ملوك الإسلام تعامل رعاياهم غير المسلمين بمنتهى الرفق والتسامح - يتخذون منهم الوزراء والمستشارين والأمناء وكتمة الأسرار. وكل مأمون على الغيب مستودع للثقة مستكفي جلائل الأعمال. وكل أمر ذي بال، وكذلك كانت وظائف