قال الوزير فتاحوتب وزير مصر وحاكم المدينة وقاضى القضاة للملك ايسوسي اعلم يا مولاي أن سراج حياتي أوشك أن ينطفئ فأخذ الفناء يدب في جسدي دبيب الشيب في الرأس وتمكن الضعف من بدني تمكن القنوط من النفس فعادت نضرتي ذبولاً وغضاضتي محولاً وجسامتي نحولاً وقل الخير والنفع وذهب البصر والسمع وعقد اللسان بعد أن ختم على الجنان فلا قول نافع ولا برهان قاطع ولا ذهن يعي ولا بيان شافع يعيد ما مضى من عهد الفتي الالمعي. فاسمح يا مولاي لخادمك وعبد رحمتك وصنيع نعمتك أن يخلى منصبه لولده من بعده ومرني أن أعلمه ما علمتنيه حنكة الشيوخ فقد قيل أنهم مهبط الوحي ومسقط الحكمة عفا الله عنك وارشد بك شعبك وهداه بهديك.
فأجاب الأمير النبيل والملك الجليل ايسوسي صاحب مصر السفلي أذنت لك أن تعلم ابنك الحكمة فلعله يجيء فذاً بين الأولاد موفقاً إلى سبل الرشاد فيكون قدوة لأمثاله يسيرون على نهجه ويختطون خطته ويختارون حكمته فيهتدون في تقويم اعوجاجهم بهداه ويسترشدون في إصلاح ما فسد من شؤونهم بصلاحه وتقاه.
فكتب فتاحوتب وزير مصر وحاكم المدينة وقاضي القضاة لولده يعلمه الحكمة وأدب النفس: -
(متلو)
آثار رومانية
ست عشرة رسالة حكيمة
من رسائل الفيلسوف سنيكا إلى صديقه
لوسليوس
الرسالة الأولى
(في المحافظة على الوقت)
فرّغ نفسك أيها الصديق لنفسك وحافظ على وقتك الذي قد يضيعه عليك الناس سدى أو يسلبونك إياه سلباً أو يفر ويفلت منك أنت هباء فاحرص عليه وضن به وتعلم صونه وحسن تصريفه وثق بأن أوقات حياتنا إما أن تؤخذ منا أخذاً أو تنتهب انتهاباً وإما أنا نحن