للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أغراض أجل وأسمى مما كانت تشتمل عليه ساعة كان ينظر إليها من ظهر مركبته. هذه هي الحياة أمامه وعلة نحو شبر منها الموت. هذا الجمال الذي يراه الساعة في الدنيا هو ذاك الذي قد كان لها منذ القدم - هذه حرب الحياة العوان ومعركتها الدائمة مشفوعة بثمراتها وفؤادها ولكن العين الجامدة البليدة لا ترى في ذلك المشهد سوى شيء سوقي اعتيادي غث سخيف ممقوت. قال الفيلسوف المتشائم توماس كارليل ذات يوم لصديق كان يسايره تحت سرادق السماء المزدان بمصابيح الفلك وفد لفته ذاك الصديق إلى جمال روعة النجوم مه! إنه لمنظر يبعث على الحزن والأسى واذكر أيضاً أن تجدد منظر المجتمع على مرسح الحياة على أعين متتابع القرون والأجيلا وتكرر نظام الوجود العادي الأبدي الذي يملأ قلب ويتمان وأمثاله بذلك الفرح الباطن والطرب الدخيل كان يراه شيخ المتشائمين شوبنهور فيسوف ألمانيا العظيم المصاب بأعضل الأدواء وحشة القلب المظلمة وفراغ النفس الأليم الذي كان ينظر إلى الوجود من خلاله فيعيره وحشته وفراغه - مصدر الملل ومبعث الألم والسآمة. أليس هو القائل ما هي الحياة؟ أن هي ألا تجدد سخافات وتفاهات وتكرار أوهام وأباطيل وأصغار - وعين ما لم يزل نسمع ونرى منذ القدم من الصراخ والعواء ونبح الكلاب. وطنين الذباب! ولكنا على الرغم من مقالة كارليل ومقال شوينهور هذا نرى من صنف الخيوط التي تتكون منها هذه التفاهات والأباطيل والأصغار يصنع الوشى المنسوج منه كل ما كان ويكون وسوف يكون في هذه الدنيا من الشهوات والعواطف والنزعات والأهواء والأميال والمخاوف والآمال والأحزان والأفراح وسائر معاني الحياة!