حول مشهد محزن ولكن قل بين الناس من يتمهل ملياً ويوكل ألحاظه بقبلة عذبة ندية أو برؤية جمال مشرق زاهر يبهج الروح ويسرها أو بتأمل أشعة نم الحب تنير نواحي القلب وتشرق في دياجيه، ولقد تكون تلك القبلة منتجة لسرور ليس بأقل من الألم الذي يتولد من الجرح. إننا نظلم القدر ونحن لا نؤلف أبداً بين القدر والسعادة، وإذا نحن اعتبرنا القدر منفصلاً عن الموت فإنما نفعل ذلك لنحكم الأواخي ونقوى الروابط بينه وبين مصائب أفدح من الموت وآلم وقعاً.
* * *
من الشطط أن نفكر دائماً في القدر موصولاً بالموت مرتبطاً بالدواهي والنكبات، فمتى يحين الوقت الذي يبطل فيه اعتقادنا أن الموت خير نم الحياة وأكثر أهمية وأن الشقاء أعظم من السعادة؟ ولماذا عند ما نحاول أن نستحضر مصير رجل من الرجال نحصر نظرتنا في الدموع التي تصوبت من جفونه والزفرات التي تصعدت من صدره لا في الابتسامات التي علت صفحة وجهه في أوقات المسرات ومصابيح الطلاقة والبشر التي توقدت عليه في ساعات الابتهاج والإطراب؟ ولأين تعلمنا أن قيمة الحياة مرتهنة بالموت لأن الموت موقوف على الحياة؟ ولماذا مصرع رج كسقراط وغيره ممن كانت حياتهم مستنبلة سامية يترك منا بكي العيون هاملاً ويخلف فينا الهم مقيداً ومرسلاً لأن خاتمتهم كانت فجاءة وكانت مريرة مؤلمة، ونستريح إلى أن الشقاء يتغشى الحكمة والفضيلة وأنه سواء عنده الباز الأشهب والغراب الأبفع وأنا ليفصلنا عن العدل نفنف متباعد إذا كنا لا نريد أن نري ف الحكمة واعدل ونواحيهما غير الحكمة والعجل فحسب ولماذا نحصر وجوداً بأكمله وحياة تامة في ساعة الموت، ولماذا نظن أن حكمة سقراط وفضيلته وقد ساقتا إليه رسل الشقاء وأوفدتا عليه طوائف المصائب وهل الموت يحوي منتدحاً أكثر امتداداً من الميلاد؟ أو لسنا نفكر في مولد الحكيم عندما نفكر في مصيره؟ أن السعادة أو الشقاء تنشأ عن الأعمال التي تصدر عنا في الفترة الممتدة بين ساعة المولد وساعة الموت وبذلك لا تقدر سعادة الرجل عند الموت ولكن يفتش عنها في الأعوام الطوال التي تتقدمه، ويخيل إلى أننا دائماً نتوهم أن الحكيم الذي سطر لنا التاريخ ميتته الرهيبة كان يطوي الأيام في تنبئ مظلم مخيف بالحادثة التي أضمرتها له الأيام وخبأتها له حكمته؟ وأننا لنخطئ في ذلك