للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ظنيناً. وصاحباً لا موثوقاً به ولا مأموناً. فشددوا عليه الرقابة والتضييق وشدوا عله كل غل محكم وقيد وثيق. بينما الجهل وهو ذاك العنصر الضروري لنفاق مذاهب الدين قد بدل أقصى العناية في حفه، ورفه. وفي تأييده. وتعضيده.

الفقيه - ومع قولك هذا فنحن نرى أن الذين استنقذوا ودائع العلوم الأولين نم هاوية الفناء. وتلافوا نفائس فنون الأقدمين من شفا جرف الهلاك والتواء. إنما هم قسوس النصرانية من جلة الرجال. ولا سيما من سكن منهم الهضاب والجبال. فماذا كانت إليه تنتهي الحال لو أن المسيحية لم تظهر في العالم قبل غزوات الشعوب الهمجية وغارات الأمم المتوحشة البربرية؟

الفيلسوف - هذا لعمري مبحث عظيم جليل الفائدة لا مريء حر نزيه شريف الغاية نبيل المقصد. يتحرى سبيل العدالة والإنصاف ويتنكب طريق الجور والإجحاف. يوازن بأحكم قسطاس. ويوضح بأسطع نبراس. بين ما للمسيحية من مزايا وحسنات. ومخازي وعورات. ويبن ما نجم عنها من فائدة وخير وكارثة وشرّ.

ولكن الذي يتصدى لمثل لهذا هذا البحث يجب أن يكون لديه من المعلومات التاريخية والبسيكولوجية ذخيرة أوفر مما لديّ أو لديك. فهو عمل أحق بالقيام به المجامع العلمية (الأكاديمية). ولكن حسبنا الآن رجل إحصائي يبين كم عدد الجرائم التي تحول البواعث الدينية دون وقوعها وكم عدد الجرائم التي تحول دون وقوعها بواعث أخرى. فاعتقادي أن الرجل إذا أحس في نفسه ميلاً إلى اقتراف جريمة فلا مشاحة في أن أول ما يخطر بباله هو الخوف من عقوبة القانون التي لا بد سيلقاها - ثم يتلو ذلك مسألة تعريضه سمعته للتشويه. ولا عندي في أنه سيفكر الساعة تلو الساعة في هذين الأمرين قبل أن يخطر بباله أدنى شيء من الاعتبارات الدينية وإني لعلى يقين من أنه إذا استطاع أن يأمن شرّ هذين الخطرين - خطر القانون وخطر تشويه سمعته فقلما تقف في سبيله دون الجريمة الموانع والعوائق من قبل الدين وزواجره.

الفقيه - إلى لعلى خلاف رأيك في ذلك، اعتقد أن زواجر الدين كثيراً ما تقوم عقبة دون ارتكاب الجرائم ولا سيما إذا كانت المؤثرات الدينية تحدث أثرها من طريق العادة فتزجر الإنسان عن مقارفة الجريمة لأول وهلة وذلك لتشبث المرء بما جبل عليه ولأن اعلق