للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شعري وقال انه يحتاج إلى شيء من القص فقلت له إني لا أحتاج إلى شيء من ذلك. فعاث فيه بمخالبه مرة ثانية ثم قال انه أطول مما يلائم ذوق العصر وان الواجب قصه - ولا سيما من الخلف حيث يعاب بقلة الاستواء والانتظام. ثم جعل يتأمل مؤخر رأسي بنظرو ازراء وازدراء وقال وهو يهز رأسه سخطاًُ من الذي قص لك الشعر آخر مرة؟ فقلت مسرعاً أنت الذي فعلت وكذلك أفحمته فخرس ولم يفه بكلمة. ثم انه شرع يقلب الرغوة ويتأمل به في المرآة. وجعل يقطع سير عمله من حين إلى آخر لينعم النظر إلى شخصه يدنو إلى المرآة فيتأمل ذقنه بدقة أو يعاين اثر بثرة. وبعد ذلك رغّى من وجهي وهم بأن يرغى الثانية وإذا بمضاربه من مضاربات الكلاب في فتركني وأسرع إلى نافذة الدكان حيث استمر واقفاً يتفرج على المضاربة وأدوارها إلى النهاية وخر ثلاث شلنات في رهان علي نتيجة مع زملائه فكانت خسارته أسر الأشياء لخاطري وأورحها لنفسي. ثم عاد إلى بعد الفرحة فأكمل الترغية وشرع يدلك صفحتي وجهي يعنف وقوة وبعد ذلك أخذ يشخذ موسى على مسن معلق وقد أبطأ وتوانى في العملية ما شاء إذ جعل يحاور زميله بشأن مرقص متنكر كان شهده ليلة الأمس في زي راعي غنم يحمل عوداً أخضر من النبات وقد بذ الاقران بحسن ورشاقة حركاته ثم بلغ من فرط سروره عند تعريض زميله بما كان بينه وبين الفتيات إذ ذاك من المغازلات والمداعبات وما كان منها من ابدائها الافتتان بمحاسنه وملاحات ما حمله على الاستزادة من الحديث واستطالة المحاورة بإظهاره من تعريضات زميليه والتأفف من تلميحاتهما وتصريحاتهما. ثم كان من هذه المحاورة أنه ألقى الموسى جانباً وأقبل على المرآة يستزيد من النظر إلى والتفرس في خلقته وتبريم شاربيه وإصلاح حاجبيه. وتمشيط لمته. . وتصفيف طرته. وتنضيد فوديه. وتجعيد سالفتيه. وهذا كله الأحكام ونهاية الدقة والنظام. ومن خلال ذلك كانت الرغوة تجف على ديباجتي أكل جلدتي.

وأخيراً تناول الموسي وأخذ يحلق. وقد أقبلي بغرز أصابعه في وجهي ليشد ويمطه ويدفع رأسي ذات اليمين وذات الشمال حسبما يقتضيه أسلوب الحلاقة أثناء ذلك يتنخم ويتنخع فرحاً ومسروراً غير مكترث ولا حافل. وكان قد من موساه محراثاً ومن وجهي حقلاً وأقبل يشق بمحراثه في شفتيه. في خديه. فلم اكترث لذلك عظيم اكتراث ما دام يجر آلته الزراعية البقاع الصلبة الغليظة في وجهي. فلما انتهى إلى المواضع الرقيقة اللينة وأخذ