للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأبين دلالة على أن الذي خلقه وصنعه إله واحد لا إله معه ولا من شيء ابتدعه ولا على مثال صنعه.

قد ترون بعيونكم وتعلمون بعقولكم أن الله عز وجل خلق للأنام الأرض وجعلها موصولة بالخلق فليست إلا لهم ولا يديمها إلا معهم وجعل ذلك الخلق متصلاً بالنبت لا يقوم إلا به ولا يصلح إلا عليه وجعل ذلك النبت الذي جعله متاعاً ومعاشاً لأنعامكم متصلاً بالماء الذي ينزل من السماء بقدر معلوم لمعاش مقسوم فليس ينجم النبت إلا به ولا يحيا إلا عنه وجعل السحاب الذي يبسطه كيف يشاء متصلاً بالريح المسخرة في جو السماء تثيره من حيث لا تعلمون وتسوقه وأنتم تنظرون كما قال عز وجل: وهو الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور: ووصل الرياح التي يصرفها في جو السماء بما يؤثر في خلق الهواء من الأزمنة التي لا تثبت الهواجر إلا بثباتها ولا يزول عنه برد إلا بزوالها كذا ولولا ذلك لظل راكداً بالحر المميت أو ماثلاً بالبرد القاتل ووصل الأزمنة التي جعلها متصرفة متلونة بمسير الشمس والقمر الدائبين لكم المختلفين بالليل والنهار عليكم وجعل مسيرهما الذي لا تعرفون عدد السنين إلا به ولا مواقع الحساب إلا من قِبَله متصلاً بدوران الفلك الذي فيه يسبحان وبه يأفلان ووصل مسير الفلك بالسماء للناظرين سواء كذا فهذا خلق الله عز وجل ما فيه تباين ولا تزايل ولا تفاوت كما قال سبحانه وتعالى ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولو كان لله شريك فيه أو معه ظهير عليه يمسك منه ما يرسل ويرسل منه ما يمسك أو يؤخر شيئاً من ذلك عن وقت زمانه ويعجله قبل مجيء ابَّانه - لتفاوت الخلق ولتباين الصنع ولفسدت السموات والأرض ولذهب كل إله بما خلق كما قال وكذب المبطلين: بل أتيناهم بالحق وأنهم لكاذبون ما اتخذ الله من ولد وما كان معه إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون: والعجب كيف يصف مخلوق ربه أو يجعل معه إلهاً غيره وهو يرى فيما ذكر الله من هذه الأشياء صنعة ظاهرة وحكمة بالغة وتأليفاً متفقاً وتدبيراً متصلاً من السماء والأرض لا يقوم بعضه إلا ببعض متجل بين يديه ماثل نُصب عينيه يناديه إلى صانعه ويدله على خالقه ويشهد له على وحدانيته ويهديه إلى ربوبيته فتعالى الله عما يشركون أيشركون مالا يخلق شيئاً وهم يخلقون حقاً ما كرر هؤلاء الجاهلون بربهم الضالون عن