نقصر عملنا على ترداد هذه الكلمات العذبة والتلفظ بها والتنغم بحلاوة مخارجها وأنه لا يكفي لنا الصلاة والتضرع والابتهال والدموع والعبرات والإيمان والاستسلام والتمني والتعلل بل ينبغي أن يكون شعارنا العبادة هي الكد والدأب واكبر حاجة الإنسانية اليوم ومطلبها الإيمان العامل القوي الفعال، لا المستسلم القوام الصوام. وهذا واجب العصر الحاضر، وفريضة أبنائه، لأننا لسنا إلا أعواناً للطبيعة على عملها وشركاء في خلق خلقها. وكيف لا يكون هذا واجبنا ونحن ننشيء الجيل، وكان حتماً علينا أن نهذب نشأته ونقوي أصوله ومتونه. وليس تاريخ الإنسانية الماضية إلا اكبر دليل على امكان انقاذ هذه المبادئ السامية إذا نحن تذكرنا من أية وهدة وثبنا، ومن أي منشأ خرجنا. وفي تاريخ الماضي لنا ألف مرشد ودليل، وإذا كان الماضي يعلمنا بفتح بصائرنا ويهبنا مبادئ وطرائق فإنه يوحي إلينا أننا مدينون له بدين عظيم وأن لا سبيل إلى الوفاء بهذا الدين إلا إذا اختصصنا بالمستقبل، وإن كان غرضنا أن نبني جنساً أرقى من هذا الجنس - وأنه لعمل عظيم من بناء المدائن وإنشاء الحواضر - فليكن أساس ذلك البناء تعظيم الطبيعة نفسها ومبادئها القوية المتينة.
وإذا كان يخيل للناس أن اليوجنية ليست إلا ديناً أو عقيدة فلا تزال كذلك علماً ولا بد للدين من عون العلم. ثم لا ينبغي أن لا ننسى أن هناك علوماً كثيرة لا تجد مرشداً لها إلا اليوجينة ولا تزال تستمد وحيها وأصولها ومقاصدها من تعاليم هؤلاء اليوجيين.
وقد آن الأوان الذي يطلب فيه إلى هؤلاء العلماء أن يبسطوا الطرق التي نستطيع بها أن نخرج عقيدتهم هذه إلى حيز الفعل فقد تقبلت الإنسانية فكرتهم، وارتضت مبادئهم ولم تجد لهذه المبادئ الأولية هذه لها من جميع أبناء الإنسانية الحاضرة إلا التحييذ والقبول والإجماع. ولكن ليس المقصد هو قبول الفكرة وهي معلقة لا تنفيذ لها. فإن لكل إنسان أن يصيح اليوم. إذا كانت هي اليوجنية فنحن كلنا يوجنيون، كما قال السير ويليام هاركور إذا كانت هذه الاشتراكية فنحن جميعاً اشتراكيون ولكن الاشتراكيين جعلوا يردون على هذه الفكرة فيقولون أنها وإن كانت من بعض الوجوه صحيحة لا يزالون هو قوماً منفصلين وطبقة خاصة من الإنسانية. وليس ذلك لأن لهم غرضاً معيناً مخصوصاً لأننا جميعاً نبتغي السعادة كما يبتغيها الاشتراكيون. وإنما لأن لهم نظرية خاصة معينة في كيفية الوصول إلى