تحقيق هذه الأغراض. وعلى هذا النحو يقول اليوجنيون انه وإن كانت الإنسانية جميعها تود ما يودون وتبغي ما يبغون، لا يزالون طبقة خاصة لأن له نظرية خاصة في وجوه السعي إلى تحقيق هذه المبادئ السامية.
ونحن الآن باسطون شيئاً من المبادئ العملية التي يقول بها علماء اليوجنية فنقول أننا إذا سلمنا جدلاً أن غرضنا هو تحسين الجنس الإنساني وتهذيبه فأول سؤال ينبغي أن نسأله هو: ما هب العوامل التي نجعل من الناس قوماً أصحاء وقوماً مرضى وأفراداً أقوياء الروح، وأفراد أضعافها أحقارها مهدميها، وأناساً أقزاماً قصاراً، وأناساً طوالاً مشذبين كباراً. وتجعل من الناس حمقى أغبياء، وألمعيين أذكياء، وقساة غلاظ الأكباد وحِداباً رقيقي العاطفة رحماء. والجواب سهل للغاية. وهو أن كل مزية في الإنسان، وسجية وخليقة ليست إلا نتاج عاملين كبيرين الطبيعة والتغذية وقد استمد السير فرنسيس غالتون البطل الأول الذي ظهر في ساحة هذا العلم الجديد هاتين اللفظتين من كلمة للشاعر شكسبير. فمما يدخل تحت كلمة الطبيعة الوارثة وما يتلقاه الإنسان عند نشوءه وتكوينه وإن لم يكن شبيهاً لما في الوالدين والآباء. وأما التغذية فتلك التي تشمل جميع وسائل الغذاء التي يتلقاها الطفل من بدء تكوينه وتأثير الوسط النفاتي والاجتماعي والجثماني. وكذلك نرى أن تحت هاتين اللفظتين تختفي جميع القوى التي تنشئنا والتي تنشىء كل مخلوق في هذه الحياة. ونحن ندرك أنه لا تقوم واحدة دون الأخرى. ولا عمل لعامل منهما دون عون صاحبه، فإذا لم تكن الطبيعة فلا أثر للتغذية. وحيث لا تكون التغذية تتهدم الطبيعة، ولا تكون شيئاً مذكوراً.
فإذا سلمنا بهذا واعترفنا به فقد أدركنا المبادئ الأولية لهذا العلم. وكذلك نرى أن اليوجيين وإن كانوا ينادون الإنسانية إلى عقيدة جديدة لا يزالون ينشرون عقيدة قديمة. ويجب أن يعترفوا بفضل التغذية بجميع وجوهها، وليس غرضنا في الحياة إخراج خليات لقاح قوية وإنما أفراد أصحاء أقوياء وما كان طلبنا الخليات القوية إلا لأنها تنمو فتكون أفراداً طيبين. ولهذا كان واجبنا أن نعمل على تغذية هذه الخليات من المبدأ إلى النهاية. في كل دور من أدوار التكوين والنمو. وهذا يؤدي بنا إلى فكرة وجوب العناية بالأمومة. قبل حصولها ولكن كثيرين من هؤلاء العلماء يقفون إزاء هذه الفكرة معارضين محتجين ويعدون طلب العناية