للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالطفل قبل ولادته وهو في دور الجنين اشتراكية استخفافاً وسخرية. ويسمون عنايتنا بالأطفال في مستشفيات الأطفال واللقطاء والتعويض عن إهمالنا قبل ولادة الطفل تصدقاً. والتصدق مادة غير موجودة في قوانين العلم الحديث.

وهناك فكرة أخرى يعارض فيها اليوجييون. إذ يقولون أننا نجاهر بقولنا الناس جميعاً أحرار بالفطرة متساوون إنما نعلن حقيقة سياسية فقط. ولكنها من الناحية البيولوجية أي من الوجهة الحيوية: ليست إلا اكذوبة صريحة. وهم لا ينكرون أن هذه الحقيقة السياسة خليقة بالتحبيذ والقبول والاحترام. ولا ينبغي مقاومتها أو العمل على هدمها ولكن ينبغي أن لا تخلط بالحقيقة الحيوية وهي أن الناس لم يخلقوا أحراراً ولم يثبوا إلى العالم متساوين وإنما لا يزالون مختلفين وأن فريقاً منهم قد حكمت عليه الطبيعة بالعبودية والوقوف في الصفوف الخلفية من الإنسانية وفريقاً آخر خصته الطبيعة بالحرية والمكانة العليا فإذا كانت هذه الاختلافات بين الناس رجالاً ونساء تحور إلى قوة التغذية أو ضعفها فنحن نقول أن في ذلك إنكاراً لعمل الطبيعة واستخفافاً بقوتها ولكننا إذا ذهبنا إلى أن هذه الاختلافات ليست طارئة عارضة وإنما هي تمشي على قانون ثابت وتجري مع سنة مقررة وتعمّ الإنسانية كلها من أبله مجنون في الحياة إلى أعقل عاقل ومن الغبي إلى الذكي ومن المرض إلى الصحيح فإنما نعترف بأن لقوة الطبيعة العامل الأول في تكوين الناس وهذه الفكرة الأخيرة تنطبق على ما اختبره العلم في العهود الحديثة.

وقد أنفذت الإنسانية المتحضرة في القرن الماضي أو نصفه الأخير شيئاً كثيراً من الإصلاح الاجتماعي. وقد تحسنت الحياة من بعض فروعها. ومن ناحية التربية على أن هذه اللفظة الأخيرة يجب أن تبقى كما هي الآن بين قوسين. حتى تدل على أنه لا يزال يوجد نوع منها أفضل من حالها اليوم وأجدى على الإنسانية. ولكننا على رغم الاصلاحات التي أدخلناها على الحياة لم نتناول بعد الموضوعات الخطيرة التي هي أحق بالإصلاح من سواها فقد عني أهل الغرب بوسائل الصحة فقط الظاهرة السطحية، ولكن العامل الآخر وهو عنصر الطبيعة لم يمسح لأحد بالإصلاح ولم تعمل الإنسانية بعد على تنظيم سيره وضبط قوانينه واحترامه نواميسه. فلا يزال قانون الوراثة مقفلاً لا يؤبه به: ونحن اليوم نخرج للإنسانية أطفالاً عجزة مرضى وندع الأمهات عرضة للأمراض والعلل: ثم لا يكون