للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن اللادي بيكونسفيلد (زوجة ديزرائيلى) صرحت مرة في بعد أحاديثها لاتراب لها كلا والله ما كان اقتران بنيامين بي لطمع في ثروتي. وكيف، ولقد كان يبدي شوقه لي وغرامه في حياة زوجي الأول. لقد عاش ديزرائيلى وزوجته ثلاثة وثلاثين عاماً في صفاء ورخاء. وكان قد بلغ من فرط حبها إياه أن جعلت تدخر قصاصات شعره طول مدة حياتها الزوجية وكانت تقص شعره بيديها كل أسبوعين أو ثلاث.

والرسالة الآنية وهي ما كتبه ديزرائيلى إلى زوجته أثناء تأليفه مأساته المشهورة الاوربوس تنم عما كان يجد لها في أعماق قلبه من شدة الغرام والوجد. وهاهي لقد أدمنت أمس الكتابة اسحّ بها سحاً، وأهضب بها هضبا. ولقد والله جعلت أصب في فصول قصتي الخيالية وجداناتي الشخصية، ومشاعري الذاتية. فجاءت وكأنها قطعة من حياتي الماضية، وشعبة من عيشتي الخالية. يوم أطارحك الغرام. وأجاذبك أسباب الهوى. فإذا نظرت في تلك الصحف وجدتها مرآة ماضيك وصدى ذكرياته. وإذا تلوتها تلوتها بمهجة واقدة، وأنفاس صاعدة، وبحشاً خافقة، ومقلة مغرورقة. وكيف وقد كنت أكتبها وشخصك مرتسم على صفحة جناني، واسمك يرفرف على أسلة لساني. ولا غرو فمن غيرك ملهمي - إذا تناولت البراعة - ومصدر وحيي وشيطاني.

لم يكد يمضي على وفاة هذه الزوجة نصف عام حتى رأينا صاحب الرئاسة وداهية الحكام والساسة، يحرر الرسائل الغرامية لامرأتين كانتا في تلك الآونة جدتين لهما أولاد وأحفاد. وكان في ذلك الحين قد أربي على الثامنة والتسين، ولكن رسائله كان بها من حرارة الوجد وسعير الجوي ما أدهش معشوقتيه واستثار أقصى عجبهما. وكانتا أختين: اللادي شترفيلد والكونتيس سبلبنا اوف برادفورد. وكانت الأولى قد أنافت على السبعين ولكن التي شغف بها ديزرائيلى وهام، وراح فيها نهب الوساوس والأوهام هي اللادي برادفورد التي كانت متزوجة وقد ناهزت الخامسة والخمسين. وكقد كان من فرط وجده بها أنه بعث إليها بمائة وألف رسالة. وكان يبعث لها في سحابة نهار بالخمس والست من الرسائل على أيدي رسل مختارة كان يقول عنهم في كتبه إلى السيدة المذكورة وإن رسلي لعبيدك ورق بين يديك لا فرق بينهم وبين سيدهم صبك المنيم، وهم تحت أمرك واقفون ببابك من الشروق إلى الغروب.