للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويدلك على فرط لوعته في الغرام. وشدة التهاب غلته في الهيام الرسالة الآنية وهي ما كتبه السياسي الداهية إلى اللادي برادفورد عقب تقلده منصب رئاسة الوزارة للمرة الثانية بثلاثة اسابيع، وكانت السيدة المذكورة قد أزمعت مغداة لندن مع أختها لمدة لا تتجاوز الاسبوعين فوجد لو شك هذا البين من شدة الكرب وفرط الجزع ما أجري براعة بالكلمة الآتية:

أتعلمين يا فتنة العالم وزينة الدنيا إنك ما كنت قط أجمل ولا أملح منك مساء هذا اليوم. وأما لو استطعت وساعدني القدر لجلست إلى يوم القيامة ألتهم بعيني بدائع جمالك، وذني روائع مقالك. ولكن كان ينغص علي لذتي، ويكدر صفاء نعمتي علمي. إن هذا اللقاء إنما كان لوداع. وإن الفراق كان رهيناً بذلك الاجتماع

حجبوها حتى بدت لفراق ... كان داء العاشق ودواء

أضحك البين يوم وذاك أبكى ... كل ذي لوعة وسرّ ساء

فجعلنا السلام فيه وداعاً ... وجعلنا الفراق فيه لقاء

والظاهر أن اللادي برادفورد احتجت على طغيان صبابته، وأنكرت منه غلواء هيامه وسورته، حتى كتب إليها ديزرائيلى رداً على إنكارها واجتجاجها الرسالة الآتية:

ما أحسب أني كنت في مكاشفتي إياك الهوى ومصارحتي ما شفني من الجوى بمتجاوز قدرى، ومعتد حدى وطورى. وكيف ولم أبغ منك قط أكثر من مجالسة الأصحاب. ومؤانسة الأحباب. ولا حاولت أزيد من الماس القائل:

أتأذنون لصب في زيارتكم ... فعندكم شهوات السمع والبصر

فإذا بلغت هذا كل غاية ما أريد. فلم أطمح إلى ما دونه ولم أقل هل من مزيد. فجنبيني يا قرة العين وعيدك بالحرمان. ولا تروعيني بنذر الصد والهجران، فما أراني أهلاً لذلك، ولا مستوجباً مساءتك وأذاك، وعلى كل فلن يكون مني بعد اليوم أدني ما يسخطك ويسؤوك.

ثم مشى بالصلح بينهما وجاءته رسالة من معشوقته سلينا لادي برادفورد تنبئ عن العفو والرضا. فكتب إليها:

قرأت كتابك فأبرأ علتي، وشفى غلتي

وكان ألذ في نفسي وأندى ... على كبدي من الزهر الجنى

وضمن صدره ما لم تضمن ... صدور الغانيات من الحلى