للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الترددات التي قامت بصدري وذلك الاشمئزاز العميق في فؤادي من ترك جنسيتي الأولى في مركز حرج وموقف غريب هو السبب الأكبر في كل ما نالني من نصب وألم وحزن في مدى الأعوام التي قضيتها في باريس وقد أدى بي ذلك إلى الظفر بمكان في الحكومة كان مغلقاً في وجهي وقد كنت موضوع الغيرة في كثيرين من الفرنسيين أنفسهم لأنه لم يصب الماني قبلي في هذا البلد ما أصبت من حب الشعب في فرانسا في العالم الأدبي وفي المجتمع والاسمار والندى حيث جعل كثيرون من أهل الخطر والألقاب العظيمة والأسامي النبيلة يلتمسون التعرف بي التماسا وينشدون صداقتي نشدانا لا كما يرعي الأمير الاديب ولا كما يبتسم الخطير للصغير ولا لأكون تحت الرعاية ومتعهد شعر لأصحاب الدولة بل كرفقاء وحلفاء وأهل ود وصحب أعزاء.

فالأمير الفارس القريب على العرش الذي قرأ شيئاً من كتبي في الأصل الألماني راح يظن أنه الموفور المسعد إذا أنا قبلت عليه ورغبت في الدخول في خدمة الحكومة وأن أنسى فما أنا بناس ذلك اللطف وتلك الرقة التي لقيتني بها ذات يوم في حديقة صديق خطير الشأن ذلكم الرجل العظيم واضع تاريخ الثورة الفرنسية ومؤرخ الامبراطورية البونابرتية. ذلك الرجل العظيم جيزو الذي كان في فرنسا يومذاك السلطان والكل في الكل. إذ أخذ بذراعي وجعل يماشيني وهو يلح علي الا ما نفضت له عن صدري وكاشفته بحاجتي. واعداً إياي أن ينليني ما أطلب. ويحقق ما أشتهي. إلا أن نغمات صوته. تلك النغمات المالقة، العذبة الكريمة لا تزال ترن في مسمعي، ولا أزل أتنفس عبير تلك الأزاهر التي كانت تحف بنا ونحن نتسابر متمشيين بين منافس البستان. لك الله تلك الأزاهر التي كنا نخطر أمامها. تلك المانوليا. الجميلة بأكمامها المتفتحة المرمرية اللون. التي ترسل أنفاسها العبقة المتأرجة في الأفق كأبهى وأفخم وأعز ما يكون قلب هذا الشاعر الألماني في أيام نعماه.

نعم. لقد قلت حقاً ما عليه ظل باطل. لقد كانت تلك العزة المتشامخة الرافعة الرأس التي هي دأب الشاعر الألماني هي التي منعتني حتى من قبول الصبغة الظاهرية أن أكون فرنسياً. لقد كان ذلك وحياً كمالياً سماوياً لم أكن لي على الخلاص منه؟؟؟ وإذا قيست عاطفتي نحو وطني بما اصطلح الناس على تسميته الوطنية فلقد كنت مرتداً منشقا خارجيا. ولكن ذلك لم يمنعني أن أثور وأتألم وأتمرد من أي أمر ولو خفيا يراد منه يتم الطلاق بيني