وبين أمتي. هذا هو الاحساس العميق المتغلغل في نفوس الشعراء والمهذبين الذي لا تمحوه قوة الأرض. نعم قلما يتكلم الشعراء عن وطنيتهم وقلما يتغنون بحبهم أرضهم، ولكن الوطنية عميقة في حبات أفئدتهم. لقد كان زواجي بألمانيتي الجميلة. ألمانيتنا العزيزة. ذلك الملاك الحارس - وأسفاه - زواجاً غير رغد ولا سعيد. نعم إنني لا أذكر ليالي قمراء زاهرة نعمت فيها بأحضانها. يوم كانت تضمني إلى صدرها الرحيب. ذلك الصدر النقي. الطاهر. ولكن تلك الليالي الحلوة كانت معدودة. وكم أعقبتها أيام هي ظلمات بعضها فوق بعض فقصمنا عرى تلك الزيجة بالانفصال والفراق. ولكنه لم يكن إلا طلاقاً صورياً غير حقيقي. لأنني لم أفكر يوماً أن أفارق خادمي الأمين. نعم لطالما كنت أكره الناس في الارتداد. ولطالما كان المروق من الدين والخروج على العقيدة بغيضين إلى قلبي كريهين. وما كنت أرضى أن أهجر حتى ولا قطة ألمانية. بل ولا كلباً من كلاب بلدي العزيز وغن كان لايطاق.
كلا. لم أفقد شرياناً واحداً من ألمانيتي. ولم ينزف من دمي عرق واحد من جنسيتي. كلا. لم أعرض نفسي لخيانة كتلك. إن التجنس بغير الجنسية الأولى أمر يليق بأناس غيري. قد يعقل أن يفعل ذلك محام سكير ملح على الشراب. ومغفل نحاسي الرأس والأنف يريد أن يصيب وظيفة ناظر مدرسة. أو معلم في كتاب. نعم هذا الرجل وأمثاله قد يبرأون من أممهم التي لا تعرف شيئاً عنهم ولم تسمع بهم ولن تسمع بذكرهم ولا يضيرها خروجهم، ولكن لا هذا يصدر عن شاعر أزجى إلى ألمانيا أجمل أشعارها وأبدع قصيدها الغنائي. بل انها لتروح لدي فكرة لعينة شنعاء. بل فكرة مجنونة تذهب باللب وتفقد الرشد. لو أنني قلت عن نفسي ها أنذ شاعر ألماني وفي الوقت نفسه فرنسي متجنس بجنسية الفرنسيس، بل ليخيل إلي لو أنني فعلت ذلك أني قد أصبحت أشبه بتلك المخلوقات الشنعاء ذات الرأسين التي يقدمونها في الأسواق والمعارض. أعيش برأس فرنسي وبالرأس الآخر أبدي عاطفتي ومشاعري في أوزان اللغة الألمانية. وا أسفاه - الشعر الفرنسي!؟ ما أبغضه على نفسي وما أشنأه لدي أنني قلما أستطيع هضم أشعر شعرائهم الذين لا رائحة لهم البتة. أنني كلما ذكرت الشعر الفرنسي الذي يسمى مجازاً شعراً غنائياً تبين لي جلال الشعر لالماني وروعة جماله واعتقدت إذ ذاك أنني جمعت منه لنفسي إكليل الغار. كلا. أنني أتنازل عن ورقة