للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنفاية. إن أرباب هذه القاذورات لم يبلغوا درجة غلام قد أخذ بشدو من الفن وألم بطرف من الصناعة. ما هذه والله إلا مظاهر جهل وضعف وغباوة تغتصب لنفسها في متاحف الفن ومعارض الصناعة مكاناً مدلساً مكذوباً وأحق بها وأولى أن تدرج في جملة مصنوعات الورش وحاصلات الآلات والمكينات.

وكذلك لبث واقفاً حيال الصور الرديئة برهة تحولت أفكاره أثناءها إلى أمور أخرى.

وفي خلال ذلك كان صاحب الدكان قائماً إلى جانبه يستحثه بكل أساليب الإغراء على اشتراء صورة، يذكر له الأسعار دون أن يكون قد عرف ما أعجب الفتى وما لم يعجبه. وكان الرجل أشيب ضاوياً ضئيل الجرم، فمما قال للفتى (ها يا سيدي إني أقنع بعشرة دراهم في هؤلاء الفلاحين وهذا المنظر القروي الجميل، لله هذا الرسم ما أبدع وما أروع! انظر إلى بهجته وبهائه. وإلى بريقه ولألأته. ورونقه ومائه. إنه ليثير الإعجاب ويفتن الألباب.

يستطير الألباب كالقبس المش ... عل لا تستقر فيه العيون

لقد جاءنا الساعة من الورشة ولا يزال طلاؤه رطباً ولما يجف دهانه. وهاك منظراً شتوياً بديعاً - فلا يفتك هذا المنظر البديع ولا تحرم طريف محاسنه. هذا بخمسة عشر درهماً. وهذه قليلة وأبيك في الإطار وحده! ما أبدع هذا المنظر الشتوي!) وهنا أمسك التاجر الصورة وهزها هزة كأنما يحاول أن يجلو ما ضمنته من طرائف وعجائب. وفضائل ومناقب. (تفضل يا سيدي بإصدار أمرك في حزم هذه الصور وإرسالها إلى دارك. أين تسكن يا سيدي. يا غلام هات لفافة من الخيط.)

فقال الفتى المصور - وقد ثاب إلى نفسه بعد شرود عقله وعزوب ذهنه (على رسلك يا هذا على رسلك) لقد أبصر صاحب الدكان قد هم فعلاً أن يحزم بعض الصور فرأى أن يرده عن قصده. على أنه كان يخامره شيء من الخجل لعدم اشترائه شيئاً ما من الرجل بعد طول وقوفه على دكانته. فالتفت إلى الشيخ وقال له: (انظر ههنا. سأبحث في هذه الصور المبعثرة لعلي أجد بينها شيئاً) ثم انحنى فوق كومة مكدسة من الصور على أديم الأرض وقد علاها الغبار ونال منها البلى، وكان من بينها طائفة من صور أشخاص من ذوي البيوتات العتيقة ربما تكون ذرياتهم قد فنيت من الدنيا وبادت وكانت تلك الصور بحالة