للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الشعب الكبير يردد ألفاظاً ويتبع أفراداً. بل إن المتعلمين منا والزعماء لا يعملون عملاً ولا يفكرون تفكيراً. لا يكفي أن نقتنع بطلب وأن نجمع عليه وأن نبيت ليلنا ونهارنا نفكر فيه ونتحدث به. يجب أن نعمل جميعاً لتحقيقه. كل من الناحية التي يخدم بها نفسه ووطنه.

انتهت الثورة القومية فيجب أن تعقبها ثورة فكرية لتظل الروح واحدة والنفوس مرتبطة والحمية موجودة. لقد نلنا بالأولى انتباه الأمة واتحادها فيجب أن نقوم بالثانية لإصلاح عيوبنا الإجتماعية والأخلاقية. ولا أقول أن نبدأ بإصلاح المجتمع. كلا. ابدأ بإصلاح نفسك. انظر إلى العيوب التي تشملك واعمل على إبادتها. اتبع لك مبدأ لا تحيد عنه. فإنك إن فعلت ذلك فسوف تتطهر الأمة من عيوبها الإجتماعية وليست عيوب الأمة إلا عيوبك أنت. لا تناد بكثرة الإقتراحات والمشروعات. ابتدأ بإصلاح نفسك يتم كل مشروع وكل إصلاح. إعمل وحدك ولا تنتظرغيرك وبث هذه الفكرة لكل إنسان وأنشرها في كل مكان.

إن الأمة تريد أن ترتقي ورقي الأمة هو السبيل الحق المحتم لبلوغ كل شيئ والأمة لا ترتقي بالثورات لأن الثورات ليست أعمال كل ساعة ولأنها إنما تحدث في ساعات الإنتقال فقط. تحدث عندما تنتقل الأمة من طور إلى طور. وإنما رقي الأمة يكون بالتفكير. وقد قلنا أن أمتنا محتاجة الآن عقب حركتها إلى ثورة فكرية ولم نقل إلى مجرد تفكير. لأن الحقيقة المحزنة أن الأمة المصرية طالما فكرت كثيراً. وهناك شيئ آخر وهو أنه لا ينفعنا الآن في بركان هذه الحوادث والحركات غير الثورات الفكرية. نريد أن ننتهز الفرصة ونحدث انقلاباً في الأفكار نستطيع بعده أن نفكر التفكير الهادئ المطمئن دون أن نخشى التقهقر والفشل. نريد أن نحدث تطوراً في الأفكار نقيمه على أساسات وطيدة من الإخلاص والإيمان وو عرفان الواجب والتمسك بالمبدأ إلى النهاية وعند ذلك يجري التيار الفكري في مجراه الطبيعي. نريد أن نهز الأفكار هزة قوية تتجه على أثرها إلى غرض واحد كما توجهت بحركتها الإجتماعية إلى غرض واحد. نريد أن يكون بين أفكارنا وعواطفنا ذلك الاتحاد والتحمس اللذان رأيناهما في حركتنا. نريد أن تكون ثورة في الرأس والأذهان لا تصيبها طلقات البنادق ولا يضيرها وجود الجنود في الأقسام. هي