للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالثورات - حاجتنا إلى التفكير - حاجة العامة المنارة >>.

لننظر نظرة إلى الكلام الذي مضى. لفد هب المجموع دفعة واحدة إلى غاية واحدة. هب على أثر نوم طويل فلم يكن بين أفرادخ سابقة ارتباط وتفاهم واتحاد ولم يكن هناك أساس من التفكير والبحث والنظر ولكننا انطلقنا جميعاً متكاتفين إلى غاية واحدة قمنا لها وأدركناها. وانتهت الحركة. وهنا الخطر الأكبر في أن نعود إلى الحالة التي كنا فيها بعودة الأحوال الطبيعية إلى مجاريها. لأنه لم يكن ثمة رابطة من التفكير أو مبدأ نجتمع حوله أو منارة نهتدي بها. هذه وإن لم نعد إلى ما كنا فيه فإننا نعود مجموعاً مفككاً يصعب ربطه وتوجيهه كما حصل ذلك أي إنه يصعب أن تجمع الأمة على السير في طريق واحد وتوحيدها وربطها كما تم لنا ذلك. لأن هذه اول تجربة لنا ولأنها كانت على إثر نوم عميق. نعم كانت الدفعة عظيمة لان الجمهور كان عظيماً ولكن الذي نخشى منه أن جذور هنا الجمود لم تصتأصل وإنها ربما تلتف شيئاً فشيئاً حولنا ثانية فتعود النفوس إلى الانحلال والتراخي.

لقد كنا كالجبار الذي نام نومة طويلة فلما افاق قام إلى الحائط فضربه بيديه فتهدمت فهو بعد ذلك بين حالين أما أن يعود إلى النوم لتسكين تلك الأعصاب التي تنبهة فجأة وقامت بذلك العمل الهائل. وأما أن يأخذ في تمرين ساقيه وذراعيه ورياضتها حتى يعود إلى سابق قوته ونشاطه. ونحن إذا اعتقدنا ان عملنا انتهى وأن بلغنا غايتنا وان الأمة استيقظت وأصبحت في خير حال فأننا لا بد سائرون إلى النوم والتخدير وأما إذا لم نعتقد أن هذه الحركة انتهت وإنها لم تكن إلا بثابة مقدمة لليقظة وإنه يتحتم علينا بعد ذلك أن نأخذ انفسنا بالرياضة والمران وأن ننظر إلى عيوبنا الاجتماعية لنصلحها وأن نعالج ما ظهر لنا من المساوئ الأخلاقية والنفسية وأن نتظافر ونجتمع ونعين لنا مبدأ نجري عليه ووجهة نسلكها وغاية يسعى كل إنسان منا اليها. نعم يتحتم علينا أن نتدارك أنفسنا ونجتمع لنتباحث ونفكر في أمرنا ولا نفرح باتحاد المجموع الذي أمامنا فإنه وقتي أن لم يأخذ كل إنسان نفسه بمبدأ يجري عليه وإن لم توحد العواطف والأفكار والأعمال. إن اتحاد المجموع غير دائم ولا ثابت ما لم يبن على أساس من تفكير الأفراد وإيمانهم.

وإذا نظرت إلى حقيقة حالنا وجدتنا نطلب كلنا طلباً واحداً، ولكن ذلك نتيجة تلك الحركة،