للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يكن الانحطاط الأخلاقي الذي لاحظناهجديداً في حياتنا المصرية، ولكن ننتهز فرصة هذا الانتباه الشامل لكل الطبقات وفرصةهذا الصحو الذي عم جميع النفوس لنفهم الناس أن الحركة انتهت، وأن ليس المقصود هو الحركة ثم نعود فننام. إن ماعملناه ليس إلا تمهيداً بسيطاً للغرض الذي نسعى إليه. إن الغرض الأكبر ما يزال أمامنا. ولنفهم الشعب وطبقات العامة التي ظنت أنها انتهت من مهمتها وانصرفت إلى حالتها الطبيعية إنها لم تقم بعد بشيئ وإن المهمة الكبرى لم تأت بعد وإن على عاتقها واجباً هو أعظم من كل ما قامت به. نريد أن ننزع من الأفكار أن هذه الحركة كانت لنا غاية: كلا: لم تكن الحركة لنا غاية وإنما كانت وسيلة بسيطة. كانت أداة من أدوات العمل نحو الغاية الكبرى.

لا ننكر أن الأمة المصرية كانت متأخرة كل التأخر (ولو من باب المقارنة فقط) في جميع فروع العمل والمدنية. وكان التقدم الذي طرأ على أمم العالم وشعوبه في هذه الخمس سنوات والانقلاب الذي أحدثته الحرب في أفكار الجماعات عظيماً جداً. لقد استيقظتالأفكار وانتبهة الأذهان وابتدأت تتجه وجهات جديدة وتفكر أفكار جديدة ونحن غافلون. لقد تطورة العلوم وتغيرت نظريات الشعوب وأنتجت هذه الحرب حرباً فكرية هائلة كانت تدور رحاها ونحن غافلون وقد عم ذلك العالم كله وابتدأ كل من الفكر والعمل الإنساني يسير في طريق جديدة ونحن هنا في معزل عن كل أمر. حتى هبت هذه الحركة.

لا شك في أن هذه الحركة أعظم ما عرف في تاريخ مصر. وإنها فاتحة عهد جديد وأننا قطعنا شوطاً بعيداًَ واستيقظنا من جمودنا الذي خيم عيلنا هذه السنوات ووثبنا وثبة أدركنا بها كثيراً مما فاتنا. نعم استيقظت الأمة بعد أن كان من المستحيل لأمة حية أن تظل نائمة وضجة العالم وصلت إلى الأفلاك ولكن وثبنا نحو المستقبل وثبة جديرة بمجد ماضينا وتاريخنا وقطعنا شوطاً بعيداً نحو العالم المتقدم أمامنا وكذلك كانت هذه الحركة ضرورية لإثارة هذه اليقظة وكان الاستيقاظ الهادئ الرفيق فشلاً تاماً يغري بالنوم مرة أخرى، نعم كان من الضروري القيام بهذه الحركة لنثب هذه الوثبة وندرك بعض ما فاتنا.

(٤)