للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبب ولا علة. ولا أدري كيف صادفته وكيف لقيته، وإني عثرت به وأصبته. كما لا أدري مما تألف وتكون، ولا من أي شىء نشأ وتولد.

ولقد شرد الحزن من لبي وأضاع من صوابي حتى أصبحت لا أكاد أتعرف نفسي وأتبين حقيقة حالي وأمري إلا بالتعب الشديد والجهد الجهيد.

سالارينو - إن ذهنك على لج البحر يطفو به الموج ويرسب. ويموج به العياب ويتقلب. هناك سفنك الضخمة ذات الشراع الفخمة تختال على الماء كالسراة والاعيان. ونتيه كذوى اليسار من التجار على غوارب الطوفان. وتبدو لروعة جمالها ولبهة جلالها وكأنها أعلاق آليم ونفائسة. وأعراس البحر وعرائسه، فهى تعلوه المراكب الصغيرة وتشرف على السفن الحقيرة التى تنحني لها تجلة وتركع لها إكبارا بينما سفائنك الجسام تمر بها مر السحاب طيارة بأجنحتها المنسوجة.

سالانيو - لامراء يا سيدي - والله لو كنت خاطرت في التحلر بمثل ثروتك لهف قلبي على أجنحة آمالي في اثر أموالي تلهفا وحنينا، ولطارت عواطف نفسي ترفرف على صدر المحيط حول سفائني المشحونة - اذن لما برحت اقتلع الاعشاب انصبها بمخترق الرياح لأعرف من أين مهبها - وانظر في المصورات الجغرافية استقري مواقع الثغور والمواني والمراسي. ولكل شيئ خشيت من ناحيته العطب على بضاعتي كان بلا شك جديرا ان يثير حزني ويبعث لوعتي وشجني.

سالارينو - أنا والله لو أصبحت بمثل حالك لرحت حليف القلق والرعب أليف الخوف والذعر خليقا أن أفزع وأرتاع لكل ما يشبه ثورة البحار وزخرة التيار. فتنفسي في حسائي لتبريد سخونته حري أن يصيبني برغدة النافض كلما ذكرت عظم ما تحدثه الأعاصير في البحر من الشر والبلاء. وكلما رأيت الساعة الرملية تجري بمقدار. ذكرت الرواسب الرملية في لج البحار. وخيل إلي أن سفينتي المثرية قد نشبت في الرمال وقد طامنت دقلها وطأطأت من أشرافه حتى انخفض عن جانبيها وهوى ليلثم مصرعه. وكلما ذهبت إلى الكنيسة فرأيت بنائها الفخم المشيد ذكرت الصخور الوعرة الخطرة وأوجست خيفة أن تحطم سفينتي الهشة الملامس، الغضة المكاسر، الضعيفة الأسر الواهية القوة، إن هي مستها وأشفقت والله على بضاعتي الثمينة من التوابل أن تذروها كف النكباء. على بساط