للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوداد. وبالطارف من المال والثلاد. وكفى بحبك إياي باعثا لي على أن أسر إليك كل ما قد دبرته من الحيل والوسائل ابتغاء الخلاص مما قد ركبني من الدين.

أنتونيو - ناشدتك الله يا صديقي باسانيو إلا ما خبرتني بتلك الحيل والوسائل ولعمري لئن كانت تنزل من الشرف والنزاهة بمثل منزلتك التي لا تزال تحلها لأجعان خزائني وشخصي وآخر ما أملك وأدخر وقفا على أدنى حاجتك وأيسر بغيتك.

باسانيو - لقد كنت أيام التلمذة إذا أخطأ مني سهم أتبعته بنظيره قوة ونفاذا في وجه السهم الأول مبالغا في تسديده لأصيب به ما أخطأ الأول. وكذلك كنت بأخطار السهمين أرمي الهدفين وأصمي الغرضين وأحرز الصيد ين. ولقد ضربت لك هذا المثل من بين حوادث طفولتي لأن ما يتبعه من المقال هومحض حماقة طفولية وسخافة صبيانية. فأنا مدين لك بالجم الكثير وإني لشدة خرقي وفرط جهالتي وسفهي قد أضعت كل ما أقرضتنيه. ولكن إذا قضت مشيئتك الآن أن تصوب سهما ثانيا حيث كنت صوبت الأول فأنا الضمين لك بحسن حيطتي وعنايتي أن أصيبك الغرضين وأنيلك الوطرين أو أرد لك قرضك الأخير موفورا صحيحا وأبقى شاكرا لك صنيعك الأول.

أنتونيو - ما بالك وأنت تعرف فرط حبي وإخلاصي تتحايل كل هذا التحايل وتسلك كل هذه المسالك الملتوية المتعرجة في سبيل طلبك إلى ما تريده مني فأنت بارتيابك في سرعة إسعافي إياك وظني أني استطيع أن أدخر عنك أقصى طاقتي ومجهودي تلحق بي من الظلم والإساءة أضعاف ما كنت تنالني به لو أنك بددت كل ثروتي، فمرني ماذا أفعل يكن ذلك علي حتما مقضيا. نبئني بما عندك.

باسانيو - إن في بلدة (بلمون) سيدة غنية ذات ميراث عظيم وهي جميلة وفوق الجميلة لما ازدانت به من حلية الأدب والعقل. وتاج الكمال والفضل. وربما خالستني ألحاظها برسائل حب صامتة. وكتب أشواق خافتة. واسمها (بورشيا) ولا أراها تقل درجة عن بورشيا ابنة (كاتو) وزوجة (بروتاس) وما أمرها بخاف على أهل المشرق والمغرب، فالخطاب من مشاهير العظماء يأتونها من مهاب الرياح الأربع وغدائرها الذهبية تتهدل على سالفتيها (كالجزة الذهبية) مما صير بلدها (بلمون) في منزلة (كولكوس) الأثرية، وأغرى بالتزلف إليها والتماس ودها الأبطال المغاوير أمثال (أيسون) في غابر الأساطير، فلوكان لي من