للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكناف المكان وآنا ينطرح على أريكة وآنا على وسادة - وأثناء هذا كله يدبر في نفسه كيف يستقبل الزوار ويعامل الزبائن ذكورا وإناثا. ثم عمد إلى لوح التصوير وتناول الريشة فجر بها جرة سريعة على اللوح ليمرن يده على الخفة والرشاقة.

في غد ذلك اليوم دق عليه الباب. فأسرع إلى فتحه. ودخلت سيدة تصحبها فتاة في الثامنة عشر من العمر وهي ابنتها يتبعهما خادم في زي خدام الأمراء وقالت السيدة (أنت المصور شارتكوف؟)

فانحنى الفتى إجابة

قالت السيدة (لقد كتب عنك شيء كثير في الجرائد اليومية ويزعمون أن صورك هي الغاية القصوى في الصناعة وبأسمى درجة الكمال) ثم رفعت نظارتها إلى عينيها وأسرعت كرة الطرف في جدران المكان ولم يكن عليها البتة فقالت (ولكن أين الصور؟)

قال المصور بلهجة المرتبك المتحير (الصور آتية في الطريق لأني انتقلت بالأمس إلى هذا المكان. ولم أتمكن بعد من نقل جميع أمتعتي)

فصوبت السيدة نحونظارتها لما لم تجد شيئا سواه تحدق إليه وقالت (أظنك كنت في إيطاليا مهد الفن وكعبة الصناعة؟)

قال المصور (كلا لم أذهب إلى هنالك ولكني عازم على الذهاب يوما ما. هاك كرسيا يا سيدتي فتفضلي بالجلوس لأني أخالك متعبة)

قالت السيدة (شكرا لك! لست بمتعبة فلقد جلست طويلا بالمركبة ها هوتصويرك! لقد أبصرته أخيرا

وهنا أسرعت السيدة إلى الحائط المقابل وصوبت نظارتها إلى صوره ورسومه ومناظره ونقوشه وكانت كلها قائمة على أرض الغرفة مسندة إلى الجدار (يا الله ما أعجب وما أغرب وما أفتن وما أخلب! هلمي إلى هنا يا ليزا. تعالي يا ليزا. انظري هذا رسم غرف على طريقة المصور القديم الخالد الذكر (تينيرز). انظري يا ليزا. انظري؟ ألا ترين كيف أجاد المصور تمثيل الرثاثة والبلى والقدم وهيئة التشوش والاضطراب والتناثر والتبعثر - وكيف أتقن تصوير الغبار. انظري إلى الغبار يا ليزة. ما هذه الإجادة والإحسان! ثم انظري ها هنا - هذه صورة امرأة تغسل وجهها ما أحلى وجهها وانظري هنا أيضا. هذه صورة