للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النظام ولكن مهما حاولت فلن يصبح في وسعها الثبات أمام أسد واحد ولا في مقدورها أن توحي إليه بالخوف.

وفي الأوقات التي يستتب فيها السلم لا يشعر الناس بخطر تلك الحالة ولا يعلمون بالهاوية التي ينساقون إليها وقد يكون من حسن الحظ أن يتاح لهم حاكم متين العقل مستنيره يجري وراء أمثلة عليا ويقوم بأعمال جسام وفي تلك الحال تسير الأمور في نظام ويفوز ذوالأمل والطموح المشرئب ويظهر للناس أن حصر السلطة في يد ذلك الحاكم مثمر عائد باليمن والإسعاد ولكن العبقريين لا يخلدون وليس كل عصر يتمخض عنهم وأعظم الأمم وأكملها لا يمكن أن تثق وتطمئن إلى أنه سيكون في كل حين على رأس حكومتهم أحد نوادر الفلك وغرائب الطبيعة وماذا يكون من الأمر إذا أزري بهم الحظ وأصبح مصيرهم مرتهنا بيد جماعة من أشباه العامة أو ذوي العقول الضيقة والأحلام الطائشة أوالأنانيين عباد المصالح الذاتية والمآرب المدخولة والمتسلفين المتدلين إلى هوة الفجور والرذيلة؟

سيبقى الشعب آخذا بزمام عاداته القديمة مرتسما لأمر الحكومة تاركا لها حق التفكير والرأي متخشعا لهيئة آرائها واثقا بها كأنها منزل الوحي ناظرا إلى فريق الحكام كأنهم شموس طلعت من مشرق الرئاسة وبدور منيرة التاحت في آفاق الوظائف فهيهات أن ترقى إليهم العيوب والنقائص وتقابل الحكومة ذلك بتقريب كل من شغفه حبها وملأ جأشه إجلالها فبات يصفق لها في كل عمل ويسبح بحمدها في كل وقت وهي تلجم فم كل من يستطيل عليها بالمعارضة ويقتحم على سدتها بالنقد وهكذا بين أعمال حكومة راضية عن نفسها فرحة بقوتها وبين طاعة عمياء متغابية من ناحية المكتهفين بركنها تطرق ليلا بدون ارتفاع أي صوت بالتحذير والإنذار أفدح النكبات وأسوأ الخطوب ويظهر إذ ذاك بوضوح الشر المستطير والبلاء المستفحل الناجم من الإفراط والمغالاة في عبادة الحكام ويكون الناس قد نسوا طريق التفكير في المصلحة العامة والتفتيش في أفهامهم وخوالجهم عن النافع لهم ولكثرة تفكيرهم في الحكومة يخلطون بينها وبين الوطن والأمة ويؤثرون العمل تحت إشراف الغير في تنظر المكافأة على أكبار النفس والقناعة بالإخلاص لها وترد منهم تلك الداهية الطارقة على قوم غير متأهبين ولا مسلحين وسيحل بالشعب البوار ما لم يكن في أعماقه عوامل صحيحة نقية لم تلحقها أرجاس الرتب والنياشين وهذه القوة هي سنلد