للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعتياده هذا على سرعة تقرير الأمور دون مراعاة لمبدأ أواحتفاظ برأي هوسر نجاحه، فليس له مبدأ أخلاقي أوفكري يقف عقبة في سبيله ولا علة تتغلب عليه، ولا نظرية يخضع لها، ولا رأي في الحياة يذود عنه. ولا هم له إلا أن يسأل ببساطة (أي شيء أربح؟) ثم يقذف بنفسه في تلك الجهة.

كان اللورد تورثكليف يزيد شعلة الحرب التهابا في جنوب إفريقيا، ولم يفعل ذلك عن شعور حقيقي بالكراهة للبوير. لأنه كما أظن ليس من الذين يحملون في صدورهم ضغناء أوعداوة، لأن العداوة تفيد التعلق بمبدأ في الحياة وتدل على خلق ثابت صحيح. ولوأن البوير فازوا في الحرب لخشيت أن يكتب لهم جواب تهنئة! ولكن الرأي العام كان إذ ذاك تغلي مراجله حماسة وكرها. ز كانت خطته الصحفية أن يقدم إلى الجمهور الطعام الذي يرغب فيه. فإذا كان يرغب في الحرب فإن واجبه يقضي عليه بتصويره الأعداء في أبشع الصور وأشنعها. وإذا كان يتوق إلى التحمس أمده به. فإن كانت حماسة الجماهير تتطلب سحق فرنسا فإنه يصبح أشد المناوئين لها ويكتب في سنة ١٨٩٩ قائلا (إذا كان الفرنسيون لا يقلعون عن أهانتهم فإن مستعمراتهم تؤخذ منهم وتعطى لألمانيا وإيطاليا. إن الفرنسيين قد أقنعوا جون بول (الإنكليز) لأنهم أعدائه الألداء. لقد ترددت إنجلترا كثيرا في الاختيار بين فرنسا وإنجلترا. إننا نحترم دائما الأخلاق الألمانية ولكن بدأنا نشعر باحتقار فرنسا، لا شيء يقوم مقام اتفاق ودي بين إنجلترا وبين أقرب جاراتها إليها) فإذا تغير تيار الرأي العام وابتدأ يسيء الظن بنوايا ألمانيا كان هوأول من يلقي الحطب في النار قائلا سنة ١٩٠٣ (نعم نحن نكره الألمانيين ونكرههم من أعماق قلوبنا. إن أعمالهم قد بغضتهم إلى أوروبا كلها. إني لا أسمح لأي إنسان أن يخط اليوم حرفا في جريدتي يمس به فرنسا كما أني لا أحب أن يكتب أحد سطراً واحداً يرضي به ألمانيا)

فهويحذف من قاموسه تلك الكلمة الخرقاء (الثبات على الخطة). ويغاير يومه أمسه غير خائف من النقد والتقريع. إنه يعلم أن الجماهير تنسى كل شيء ولا يطلب إلا التأثير الحاضر والغذاء اليومي. فهولا يعتبر نفسه في الحقيقة إلا مورداً لبضاعة عامة. فإذا تغير ذوق الجمهور كان أسرع الناس إلى التغيير معه. والحقيقة أن اللورد نورثكليف معدود من ذوي العقول الوضيعة الضئيلة. فليست آراءه ذات قيمة كبيرة وهولذلك لا يحجم عن