للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استبدالها بآراء غيره بشرط أن تكون هذه آراء الأغلبية. ففي سنة ١٩٠٤ كان يؤيد حزب التقدم إذ كان النصر في جانبه ولما تحقق سقوطه في سنة ١٩٠٧ أخذ يملأ جرائده بالمطاعن والحكايات الخيالية في سوء أعماله. وليس كل هذا لأنه اختلف معهم - لأن الاختلاف على شيء يدل على التمسك بمبدأ أوعقيدة - ولكنه يتبع الجماهير.

هذه الفكرة التجارية المحضة عن الصحافة هي فكرة اللورد نورثكليف التي أهداها لعصره. لقد كانت الصحافة مهنة فأصبحت تجارة. لقد كان لها غرض أخلاقي فأصبحت بين يديه ولا غرض أخلاقي لها أكثر من الغرض الذي ترمي إليه صناعة الصابون، لقد كانوا يقولون قديما عن الجرائد أنها مرشدة الرأي العام. أول واجباتها أن تنقل الأخبار دون تحيز شخصي أوعمومي. وثانيها أن تدافع عن خطة سياسية تعتقد أنها في مصلحة الأمة والدولة. تحترم الحقائق وتعتقد أن هناك قانونا أخلاقيا جامعا تخضع له الأشياء.

ولكن اللورد نورثكليف غير كل هذا. لقد بدأ عهده بالصحافة وهوخال من المبادئ والعقائد. كانت الصحافة قديما تخاطب عقول الرأي العام المسؤول فأصبح هويخاطب أهواء غير المسؤولين. كانت الجرائد تمد الناس بالأخبار فأصبح هويمدها بالحماسيات والمشوقات، كانت الجرائد قديما تكتب ما تمليه الآراء المعقولة فأصبح هويكتب ما تمليه العواطف المنفعلة.

لقد قلت أن اللورد نورثكليف هورجل الشوارع وأعني بذلك أن عقله لا يرقى عما يتطلبه تيار الجماهير. فترى في كل أعماله طابع العقل العادي بدرجة غير عادية، ومظهر الخلومن الأفكار والجري وراء كل تافه والإعجاب بكل ضجة جوفاء والنفور من كل شيء قوي نافع سليم في الحياة.