للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ـ وماذا علي إذا فعلت؟ هل هذا من شأن أحد غيري؟ أيجب علي أن أقدم حسابا عن أعمالي لأحد؟ إن ما أخسره هي أموالي أنا على ما أظن إن ما أصرفه وما يصرف في هذا البيت جميعه إنما هو مالي أنا - أنا. أسامع ما أقول؟ مالي أنا) وهكذا على هذه النغمة. ولكن ستيبان ستبانيتش لا يتجلى عدله وفضله ووقاره وحلمه إلا في وقت الغداء. ويبتدئ الفصل عادة بالحساء. فيتناول زيخلين أول جرعة منها ثم يقطب وجهه فجأة ويضع الملعقة مدمدما: تبا لهذا! لم يبق إلا أن آكل في المطعم!.

ـ فتبادر زوجته بسؤال جازعةماذا هل هناك شيء؟ أليست المرقة طيبة؟

يجب أن يكون للإنسان ذوق خنزير يستطيع أن يأكل مثل هذه الحثالة أنها ممتلئة ملحا، ورائحتها مثل رائحة الخرقالقذرة. . . رائحة حشرات لا بصل. . . أن هذا الشيء محزن ومهيج يا أنفيسا أفانوفنا مخاطبا بذلك القابلةكل يوم أدفع مبالغ طائلة. . . . وأحرم نفسي كل شيء. . . وهذا ما يقدمونه طعاما لغدائي لعلهم يريدون مني أن أترك الوظيفة وأطبخ الطعام!.

ـ فتجيبه القابلة خجلة مترددةإن الحساء لذيذة جدا اليوم.

فيرد عليها زيخلين ناظرة إليها بطرف عينه نظرة غضبأتظنين ذلك؟ كل إنسان وذوقه طبعا. والظاهر أنني وإياك مختلفان جدا في أذوقنا فأنت مثلا راضية عن أخلاق هذا الصبي. ويشير إشارة منفعلة إلى ولده فيديا. إنك مسرورة به. أما أنا. . . فشديدة الاستياء منه؟.

فيديا هذا صبي عمره سبع سنوات بوجه أصفر سقيم ناحل. فما يطرق سمعه هذا حتى يكف عن الأكل ويرخي بصره إلى الأرض ووجه يزداد اصفرارا.

ـ نعكم إنك مسرورة به أمات أنا فصاحت عليه. ولا أعرف أينا المخطئ أو المصيب، ولكني أستطيع أن أقول بصفتي أبا له أني أعرف ولدي أكثر منك. انظري إليه كيف يجلس. أهذه جلسة الولد المتربي تربية حسنة! اجلس معتدلا فيرفع فيديا ذقنه ويميل برقبته حاسبا أنه قد اعتدل في هيئته. وتزدحم الدموع في عينه.

تناول غداؤك! امسك ملعقتك جيدا انظر إلي. سأريك كيف تأكل أيها الولد الملعون؟ إياك أن تجهش؟ انظر إلي جيدا.