وليست العلة والناموس واحداً وإنما يطلق عليها تسامحاً. والفرق بينهما كالفرق بين الشريعة وعدم الامتثال لها.
والفرق بين الناموس الطبيعي والناموس البشري هو أن الأول ترتيب طبيعي لا يخل البتة. ولا يعد ناموساً طبيعياً إلا ما قام عليه البرهان. أيده العقل. وأثبته الامتحان. وأما الثاني فهو عبارة عن أوامر ونواه مفروضة على أصحاب مشيئة واختيار. إن شاؤا أطاعوا وإن شاؤا عصوا. فمن أطاع لم تؤيدها طاعته ومن عصى لم تبطلها مخالفته.
ثم أن الأول يشمل جميع الأشياء الطبيعية وفي جملتها الإنسان وما يتعلق به. وأما الثاني فمقصور على الناس وأعمالهم.
وتعرف النواميس الطبيعية بواسطة ثلاثة أمور: وهي الملاحظة والامتحان والتعقل - من باب علمي.
أما الملاحظة العلمية فهي الرصد الدقيق. أو المراقبة الكاملة النافية للزعم والوهم والاستنتاج الباطل.
وأما الامتحان العلمي فهو التجربة الدقيقة التي تجري على شروط مفروضة محققة.
وأما التعقل العلمي فهو إدراك الحقائق بطريقتي الاستقراء والاستنتاج وإثباتها بهاتين الطريقتين يقال له التعليل العلمي.
أما الاستقراء فهو تقصي الجزئيات للاستدلال منها على الكليات فتوضع قواعد عامة مبنية على ملاحظات أفراد متعددة في أماكن شتى وظروف مختلفة.
مثال ذلك: إذا لاحظنا أن حجر المغناطيس يجذب قطعة من الحديد متى أدنيت منه وامتحنا ذلك في كثير من قطع الحديد وضعنا هذه القاعدة: أن المغنطيس يجذب الحديد.
وأما الاستنتاج فهو الاستدلال من الكليات على الجزئيات: مثال ذلك: إذا قربنا قطعة حديد من حجر فجذبها حكمنا بالاستنتاج أنه حجر مغنطيس.
الرأي والحقيقة
الرأي الفرضي أو الوضعي - ويقال له التقديري أو المحتمل - هو ما يقدر في الأذهان من الظنون لما ينتهي إليه الأمر الطبيعي، إذا استطعنا أن نتبعه إلى نهايته، أو إلى درجة نحو تلك النهاية.