- كمثال لما يقع من الجدل في هذه المسألة العظيمة.
م - أتنكر أن لا نهر الأوله ينبوع؟
ل - وأي صبيان المكاتب لا يعرف ذلك؟ نعم إن من الأنهر مالا يمكن الجزم بتعيين ينبوعه كنهر النيل. ولكن الجغرافيين قرروا أخيراً أنه في جبال القمر وأصله آخرون إلى ما وراء ذلك.
م - إذاً أنت تعرف أن لا مسبب بلا سبب ولا أثر بلا مؤثر. أليس كذلك؟
ل - ذلك من أولي البديهيات إذ لا بد لكل معلول من علة. وإن كان التوصل إلى العلة من أصعب المطالب.
م - أصبت فقد كنت أظنك تقول كداود هيوم أنه لا ارتباط بين المعلول والعلة وليس بينهما سوى التوالي كما بين النهار والليل.
ل - إن هيوماً مخطئ في ذلك. فإن الليل والنهار متواليان لعلة ليست أحدهما. فليس بينهما ارتباط العلة بالمعلول كما بين انطلاق المدفع وهزيمه.
م - أظنك لا تقول بأن المعلول والعلة واحدة. فانطلاق المدفع وهزيمه أمران مختلفان في الذات. أما هما كذلك؟
ل - بلى.
م - فانتبه يا صاحبي فأني أراعي هذا المبدأ في شأن تلك البيضة العجيبة.
ل - لا أرى مكاناً لمراعاته في شأنها.
م - أنعم النظر ترَهُ. فأين ينبوع تلك البيضة، أو ما مصدرها، أو علتها وعلة كل ما فيها من الخصائص فأنت تقول أن ينبوع كل ذلك أو علته هو الطبيعة أم كل شيء. فأسألك أن تعلمني ما الطبيعة، ومن أين أتت. وكيف أتت. ومتى أتت؟ وقبل كل ذلك قل لي ما هي؟
ل - إن تحديد الطبيعة من أعسر الأمور. ولكني أقول مع برنيت أخرج إلى ما تحت السماء وأصغ إلى تعليم الطبيعة أو مع بوب ما معناه:
شيم الطبيعة لا تنفك عاملة ... والجوهر الفرد يبغى مثله أبدا
هذا إلى ذاك مجذوب وذاك إلى ... هذا كذلك كان الكون واتحدا
م - لا اعتراض لي على بلاغة هذا الشاعر المجيد لكن ما أوردته يا صاح من قوله ليس