للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه ما يبين حقيقة الطبيعة فأنت تذهب إلى أن الطبيعة قد باضت تلك البيضة وأنقفتها، فنشأ عنها كل ما في العالمين على اختلاف حقائقه وصوره. وأنا لا استطيع التسليم بذلك ما لم أعرف الطبيعة وماهيتها، أتظن أنها ملك؟

ل - لا بمعنى ملك عندك.

م - أروح هي؟

ل - لا أقول أنها روح.

م - أغول هي إذاً أم عنقاء؟

ل - أرجو اعتزال المزح في مثل هذه المسألة الهامة.

م - ولكنني أريد أن تعلمني سبيل الحقيقة لأنهج منهج الحد. فأني لم أقرأ في كتب اللادريين مقالاً في شيء مجهول العلة إلا وفيه أن علته الطبيعة وأن الطبيعة أم كل شيء فأولاد الطبيعة فيها لا تحصى كالرمال التي على شواطئ البحار ومع هذا فقد عجزوا عن الإتيان بتعريف لها.

ل - أرى الطبيعة تكبر عن أن تحد وأنها تشتمل على السماوات والأرض والنواميس.

م - أفلا ترى الطبيعة موجوداً غير منظور وعاملاً مستقلاً عن الجواهر الفردة؟

ل - نعم فإن الفيلسوف ستورث مل قال: ليست الطبيعة كل محدث بل ما يحدث من غير اختيار الإنسان وقوته العاقلة. أفليس ذلك قريباً من حد الطبيعة؟

م - هذا يقتضي أن السماء والأرض والأزهار والرياض وسمك البحار من الطبيعة.

ل - لا ريب في ذلك.

م - ولكن على قولك أن كل الأشياء حتى البيضة الأولى قد أخذت قواها من الطبيعة. فما الفرق بين الطبيعة والبيضة الهيدروجينية أخبرني بذلك وحسبي.

ل - يصعب أن نفرق بين الأمرين وليس في وسعي أن أرسم خطاً فاصلاً بينهما.

م - إنك لا تستطيع أن تفرق بينهما فهما واحد. فليس لك أن تجعل أحدهما على للآخر.

ل - نعم. لكنني سأفكر في الأمر قليلاً لعلي أهتدي إلى حل هذا الإشكال.

م - لك أن تفرض ما شئت في العالمين. مصدراً لتلك البيضة أما أنا فأقول: لا بد من إله خلقها واعتنى بها وانشأ منها سائر المخلوقات المشاركة لها في المادة. والنشؤ نفسه دليل