للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غير أن الآجال والموت فيها ... ولقيت الحقائق السافرات

ذاك سر لم أنض عنه نقابا

وها نحن أولاء ننقل هذه الرباعية الفارسية وتفسيرها الحرفي ليتبين الفرق بين الأصل والنقل:

اد قعر كل سيارة تالوج زحل ... كردم همه مشكلات كيتي راحل

بيرون جشتم زبندهر مكروحيل ... هريد كشوده شدومكر بندأجل

وهاك التفسير العربي:

بلغت في البحث مقر الحمأ المسنون من بطن الأرض وملتقي السماكين في العلا. وحللت عقدة مشكلات الدهر وقفزت في دائرة ذات حبالة خيوطها صنوف المكر والحيل. وبعد هذا كله تراني عاجزاً عن حل أول قيد ألا وهو قيد الأجل. على أن حسنات التفسير العربي أكثر من أن تحصى والثناء على همة الأديب البستاني وفضله واجب على سائر قراء العربية ومن سباعياته المرقصة قوله:

ومقامي غصن مُظِلٌّ بقفر ... ورغيفان مع زجاجة خمر

كل زادي والأهل ديوان شعر ... وحبيب يهواه قلبي المعني

وشجى يذيبني يتغنى ... هكذا أسكن القفار نعيما

* وأرى هذه القصور خرابا *

على أن الخيام نظم رباعياته كهلا وهي تقابل ليالي الفريد دي موسيه في الفرنسية. أما الخيام فقد نظم بعد أن عاش وتألم وبحث ودرس وحار وضل وعشق وأبغض وسكر وصحا ورجا ويئس. بعد أن صنعت الحياة الإنسانية به ما تصنع النار بالذهب. وصديقنا الأديب وديع لا يزال في عنفوان الصبى قلبه مملوء بأحلام الشباب ولم يستوعب ما استوعبه الخيام من مهيئات الحزن الأعظم الذي يغير النفوس. فرجائي إليه أن يعيد التفسير وهو في الخمسين من عمره فسوف يرى الرباعيات بغير العين التي يراها بها اليوم ويصوغها في قالب ترضاه نفسه الناضجة الخالدة.