للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكبرى غير مسؤولين حيال غيرهم من البشر عن حياتهم ما دامت تفيض على العالم نوراً.

أما التفسير العربي الذي قدمه الأديب وديع البستاني لقراء العربية فأقول أنه في مجموعه جيد ولكن فيه مآخذ شتى لا تقلل من قدره سيما وأن الشاعر الشاب أول من بدأ هذا العمل الجليل وأتمه ولولا ثقتي من أن وديعاً يعلم أن نقد الشيء جزءٌ من تقديره ما قلت له الكلمات الآتية:

أولاً - إن الشاعر خرج برباعيات الخيام عن طبيعتها إذ عربها سباعيات أي نقل كل أربعة أسطر انكليزية إلى سباعية ذات سبعة أسطر والرباعية ضرب من الشعر الفارسي والسباعية ضرب من العربي وقد احتفظ المفسرون الأجانب بضروب الخيام ونقلوا شعره رباعيات وفي طليعتهم فتزجيرلد الأيرلندي الذي نقل عنه الأديب البستاني وقد أدى نقل أربعة أسطر في سبعة إلى الإسهاب الغير المقبول كقوله في السباعية الثانية عشر:

فعتيد نزولنا في القبور ... في القبور النزول دان عتيد

كذلك اضطر المفسر العربي في بعض سباعياته إلى تأليف لا يأتلف ومع روح الرباعيات الخفيف العذب كقوله:

والمليك الصيَّاد صيدَ وأردى ... ومن العرش حطّ حطّا للحد

وجمع طاعة لأمر القوافي في إحدى سباعياته بعض الألفاظ الجافية الغير الشعرية كقوله:

ولكم قام في الورى من كليم ... وكليم وفيلسوف عظيم

* وأتونا بكل قول عقيم *

فالحكيم والفيلسوف واحد. وانصراف الذهن إلى القصد من الكليم بمعنى الناصح الواعظ المرشد الهادي صعب لأول وهلة وقوله بكل قول عقيم قول لا يوافق شعر الخيام. ثم تلاه قوله:

وهم اليوم في الثري ساكنونا ... لا خطاب يلقونه صامتونا

ثم هناك بعض التصرف في النقل لعل الفاضل البستاني اضطر إليه لكن فيزجيرلد قد سبقه في هذا الميدان وهاك مثالاً في السباعية الثانية والعشرين:

زحل كان موطئي إذ رحلت ... بخيالي وفي السماك حللت

وصعابا من المشكلات حللت ... واجتليت الغوامض المبهمات