للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأميال في الحيوانات العليا التي هو وهي سواء في الخواص البيولوجية فيما هو من طبيعة التناسل.

وقد أظهرت أمثال هذه المقارنات أن حاجة الحب تنتهي بحصول غايتها. كما أن حاجة الجوع تنتهي بالطعام. ولهذا نشاهد أن الطور الأول من أطوار الحب ينقضي بعد ولادة الطفل ثم ينتقل إلى طور آخر ليس من ذلك الحب في صفاته وعلائمه. ومن ثم فبقاء الزواج مدى الحياة لا يستند على شيء في طبيعة الإنسان.

قد يقول قائل: نعم إن غريزة الإنسان لا تدعوه إلى الاقتصار على زوج واحدة، ولكنه ليس كسائم البهائم إذ أن له أيضاً غرائز أخرى. وعلى الحضارة أن تعلمه كيف يكبح غرائزه متى أدرك خطأها!! نقول ذلك حق ولكن من أين لنا أن تعدد الزواج مضر بنوع الإنسان أو عائق في سبيل انتشاره ونمائه؟؟

قال: إن الكنيسة فرضت وحدة الزواج ولكنها لم تستمكن من قسر الناس على مراعاة فرضها هذا إلا ظاهراً. أما في الباطن فلا نظن أنه بين كل مائة ألف رجل أكثر من رجل واحد يحق له أن يقول على فراش الموت أنه ما عرف في حياته سوى امرأة واحدة. وإذا كانت النسبة أكثر من ذلك بين النساء فليس لأنهن أقل رغبة في إهمال ذلك الفرض. وإنما ذلك لأن المراقبة عليهن أشد وعين الناس صوبهن أدق وأحد.

هنا يقول قائل آخر: لئن كان للحب غرض يهتاج الإنسان لإنجازه ثم يخليه متى فرغ منه. فالصداقة قد تنوب عنه عند الناس: فيتآلف الزوجان وإن كانا بعد لا يتحابان.

وهذا صواب أيضاً. فقد يقترن الزوجان. يشغف الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في بادئ الأمر. فما هي إلا أن تثمر زهرة الحب فيفتر. ولكنهما يبقيان على صلاتهما الأولى بحكم العادة والإتباع. مثلهما في ذلك مثل الشجرة المتعفنة. يتغير باطنها ذرة بعد ذرة ولا ينال التغيير ظاهر قشورها وأوراقها. وربما كانت هذه الصلة في كزازتها وتفاهة مذاقها لا تغني عن الحب. ولكنها مع هذا صالحة للمطاولة والمصابرة.

ثم يتلاقى حنو قلبيهما في الذرية فيولد بينهما حب جديد. وتتراخى عاطفة الحب على الزمن فيسهل على العقل والإرادة مغالبتهما. وتتردد في نفسيهما ذكريات الحب في أيام صبوتهما. فتحلى ما بقي من أيامهما. وكذلك يبقي الزواج ما بقيت الحياة بعد أن يتوارى