للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داخلك في ذلك شك فتأمل غيرنا من الشعوب الساذجة تجد رجالها طوالاً متماسكين في خلقهم قوة وضلاعة فأما حيث تشد الأطفال بالقمط فما أكثر الزمن والأكسح والمقعد والسطيح والمخبول. وذلك لأنا نحبس عنان الأطفال عن الحركة ونغل يده عنها بما نفرغه فيه من القوالب والقمط إشفاقاً أن يصيبه من الحرية اذاة فكأني بالناس قد أشفقوا على أبنائهم أن تصيبهم آفة فسلبوهم القوة عمداً.

وهل لا يكون لهذه القيود الصعبة والأغلال القاسية في ظنك أثر في أميال الطفل وخلقه مثل مالها في خلقه وتكوينه. إن أول ما يجده الطفل هو الإحساس بالألم. لأنك قد أقمت من دون ما يحاول من الحركة عقبات ولم نسمع أن واحداً ممن نشأوا على حرية الحركة أضر به ذلك لأن الطفل أضعف من أن يلحقه من حركته ضرر وحسبه ما يناله من الألم إذا هو لم يحسن الجلوس أو الاضطجاع دافعاً إلى تغيير هيئته واستبدال ضجعته.

وأعلم أنه لا طفل إلا بالألم لأن واجباتها متبادلة فإذا أساء أحدهما القيام بما ينبغي عليه نام الآخر عن أداء واجبه ولها عنه. وينبغي أن يشرب الطفل محبة أمه قبل أن يدرك أن ذلك فرض عليه لأن آصرة الرحم إذا لم يوثق عراها ويؤكد عقدها الواجب والعادة وهت أسبابها في صدر الأيام ورث حبلها. وأخلق عهدها وفي ذلك جنوح عن منهاج الطبيعة وحيد عن جادتها.

وقد تضل المرأة أيضاً عن الجادة المستقيمة إذا هي جاوزت القصد في النهوض بواجبها ولم تميز بين الإفراط والتفريط فليس ينبغي لها أن تغلو في العناية بولدها حتى تجعله معبودها فإنها إذا أترفته ضنا به أن يعرف خوره وضعفه وأنزلته أكناف الدعة وضربت عليه سرادق الأمن رجاء أن تصرف عنه لحظات الغير وتغض عنه عيون الحوادث فقد التبست عليها وجهة السداد لأنها وإن كانت قد أذهبت اليوم عنه السوء فقد ادخرت له أهو إلا هو لا بد خائضها طائعاً أو كارها وأنه لمن الحماقة ونقص العقل أن تزيد ضعف الطفل وأني لمن كان كذلك أن يكون حمولاً للنائبات مضطلعاً بخطوب الدهر جلداً على مض النوازل. ورأيت في أقاصيص المتقدمين أن تيتس غمرت أبنها في مياه الستيكس ليكون صلب المعجم لا تروعه النوائب ولا تنال منه الملمات وهي أسطورة لطيفة نافعة غير أن الأمهات القاسيات اللاتي هن موضوع كلامنا يجرين على عكس هذه الطريقة وكأني بهن إذ